للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظما مما يناسب الوقائع وما يحضر فيه من التهاني والتعازي، ويعرف الموسيقى والشعبذة، وضرب الرمل، ويحضر المجالس المشتملة على اللهو والمسكر واللعب والبسط، ثم انقطع عن ذلك كله لكبر سنه وهو مما يقال فيه وفي أمثاله:

ذهبت عن توبته سائلا … وجدتها توبة إفلاس

وكان مولده بدمشق سنة ثلاث وثلاثين وستمائة، وتوفى ليلة السبت خامس ذي القعدة ودفن بمقابر باب الصغير في قبر أعده لنفسه عن خمس وثمانين سنة، سامحه الله.

[قاضى القضاة فخر الدين]

أبو العباس أحمد بن تاج الدين أبى الخير سلامة بن زين الدين أبى العباس أحمد بن سلام الإسكندري المالكي، ولد سنة إحدى وسبعين وستمائة، وبرع في علوم كثيرة، وولى نيابة الحكم في الاسكندرية فحمدت سيرته وديانته وصرامته، ثم قدم على قضاء الشام للمالكية في السنة الماضية فباشرها أحسن مباشرة سنة ونصفا، إلى أن توفى بالصمصامية بكرة الأربعاء مستهل ذي الحجة، ودفن إلى جانب القندلاوى بباب الصغير، وحضر جنازته خلق كثير، وشكره الناس وأثنوا عليه، رحمه الله تعالى.

[ثم دخلت سنة تسع عشرة وسبعمائة]

استهلت والحكام هم المذكورون في التي قبلها، وفي ليلة مستهل محرم هبت ريح شديدة بدمشق سقط بسببها شيء من الجدران، واقتلعت أشجارا كثيرة. وفي يوم الثلاثاء سادس عشرين المحرم خلع على جمال الدين بن القلانسي بوكالة بيت المال عوضا عن ابن الشريشى، وفي يوم الأربعاء الخامس من صفر درس بالناصرية الجوانية ابن صصريّ عوضا عن ابن الشريشى أيضا، وحضر عنده الناس على العادة. وفي عاشره باشر شد الدواوين جمال الدين أقوش الرحبيّ عوضا عن فخر الدين إياس، وكان أقوش متولى دمشق من سنة سبع وسبعمائة، وولى مكانه الأمير علم الدين طرقش الساكن بالعقبية، وفي هذا اليوم نودي بالبلد بصوم الناس لأجل الخروج إلى الاستسقاء، وشرع في قراءة البخاري وتهيأ الناس ودعوا عقيب الصلوات وبعد الخطب، وابتهلوا إلى الله في الاستسقاء، فلما كان يوم السبت منتصف صفر، وكان سابع نيسان، خرج أهل البلد برمتهم إلى عند مسجد القدم، وخرج نائب السلطنة والأمراء مشاة يبكون ويتضرعون، واجتمع الناس هنالك وكان مشهدا عظيما، وخطب بالناس القاضي صدر الدين سليمان الجعفري وأمن الناس على دعائه، فلما أصبح الناس من اليوم الثاني جاءهم الغيث باذن الله ورحمته ورأفته لا بحولهم ولا بقوتهم، ففرح الناس فرحا شديدا وعم البلاد كلها ولله الحمد والمنة، وحده لا شريك له. وفي أواخر الشهر شرعوا بإصلاح رخام الجامع وترميمه وحلى أبوابه وتحسين ما فيه. وفي رابع عشر ربيع الآخر درس بالناصرية

<<  <  ج: ص:  >  >>