أي فاختلف أهل ذلك الزمان ومن بعدهم فيه فمن قائل من اليهود إنه ولد زنية واستمروا على كفرهم وعنادهم وقابلهم آخرون في الكفر فقالوا هو الله وقال آخرون هو ابن الله وقال المؤمنون هو عبد الله ورسوله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه وهؤلاء هم الناجون المثابون المؤيدون المنصورون ومن خالفهم في شيء من هذه القيود فهم الكافرون الضالون الجاهلون وقد توعدهم العلى العظيم الحكيم العليم بقوله ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾
قال البخاري حدثنا صدقة بن الفضل أنبأنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني عمير بن هانئ حدثني جنادة بن أبى أمية عن عبادة بن الصامت عن النبي ﷺ قال (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها الى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل) قال الوليد فحدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن عمير عن جنادة وزاد من أبواب الجنة الثمانية أيها شاء. وقد رواه مسلم عن داود بن رشيد عن الوليد عن جابر به ومن طريق أخرى عن الأوزاعي به *
[باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا]
قال تعالى في آخر هذه السورة ﴿وَقالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا﴾ أي شيئا عظيما ومنكرا من القول وزورا ﴿تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً * وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً﴾ فبين أنه تعالى لا ينبغي له الولد لانه خالق كل شيء ومالكه وكل شيء فقير اليه، خاضع دليل لديه وجميع سكان السموات والأرض عبيده وهو ربهم لا إله إلا هو ولا رب سواه كما قال تعالى ﴿وَجَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ * فبين أنه خالق كل شيء فكيف يكون له ولد والولد لا يكون إلا بين شيئين متناسبين والله تعالى لا نظير له ولا شبيه له ولا عديل له فلا صاحبة له فلا يكون له ولد كما قال تعالى ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اللهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ تقرر أنه الأحد الّذي لا نظير له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ﴿الصَّمَدُ﴾ وهو السيد الّذي كمل في علمه وحكمته ورحمته وجميع صفاته ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ أي لم يوجد منه ولد