الناس لحرب أهل العراق مع المثنى، وإذا فتح الله على أمرائنا بالشام فاردد أصحاب خالد إلى العراق فإنهم. أعلم بحربة.
فلما مات الصديق ندب عمر المسلمين إلى الجهاد بأرض العراق لقلة من بقي فيه من المقاتلة بعد خالد بن الوليد، فانتدب خلقا وأمر عليهم أبا عبيدة بن مسعود، وكان شابا شجاعا، خبيرا بالحرب والمكيدة. وهذا آخر ما يتعلق بخبر العراق إلى آخر أيام الصديق وأول دولة الفاروق.
[خلافة عمر بن الخطاب ﵁]
كانت وفاة الصديق ﵁ في يوم الاثنين عشية، وقيل بعد المغرب ودفن من ليلته، وذلك لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بعد مرض خمسة عشر يوما، وكان عمر بن الخطاب يصلى عنه فيها بالمسلمين، وفي أثناء هذا المرض عهد بالأمر من بعده إلى عمر بن الخطاب، وكان الّذي كتب العهد عثمان بن عفان، وقرئ على المسلمين فأقروا به وسمعوا له وأطاعوا، فكانت خلافة الصديق سنتين وثلاثة أشهر، وكان عمره يوم توفى ثلاثا وستين سنة، للسن الّذي توفى فيه رسول الله ﷺ، وقد جمع الله بينهما في التربة، كما جمع بينهما في الحياة، فرضى الله عنه وأرضاه.
قال محمد بن سعد عن أبى قطن عمرو بن الهيثم عن ربيع بن حسان الصائغ. قال: كان نقش خاتم أبى بكر «نعم القادر الله». وهذا غريب وقد ذكرنا ترجمة الصديق ﵁، وسيرته وأيامه وما روى من الأحاديث، وما روى عنه من الأحكام في مجلد ولله الحمد والمنة. فقام بالأمر من بعده أتم القيام الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁. وهو أول من سمى بأمير المؤمنين.
وكان أول من حياه بها المغيرة بن شعبة، وقيل غيره كما بسطنا ذلك في ترجمة عمر بن الخطاب وسيرته التي أفردناها في مجلد، ومسندة والآثار المروية مرتبا على الأبواب في مجلد آخر ولله الحمد.
وقد كتب بوفاة الصديق إلى أمراء الشام مع شداد بن أوس، ومحمد بن جريح، فوصلا والناس مصافون جيوش الروم يوم اليرموك كما قدمنا. وقد أمر عمر على الجيوش أبا عبيدة حين ولاه وعزل خالد بن الوليد. وذكر سلمة عن محمد بن إسحاق أن عمر إنما عزل خالدا لكلام بلغه عنه، ولما كان من أمر مالك بن نويرة، وما كان يعتمده في حربه. فلما ولى عمر كان أول ما تكلم به أن عزل خالدا، وقال: لا يلي لي عملا أبدا. وكتب عمر إلى أبي عبيدة إن أكذب خالد نفسه فهو أمير على ما كان عليه، وإن لم يكذب نفسه فهو معزول، فأنزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله نصفين. فلما قال أبو عبيدة ذلك لخالد قال له خالد: أمهلنى حتى أستشير أختى، فذهب إلى أخته فاطمة - وكانت تحت الحارث بن هشام - فاستشارها في ذلك، فقالت له: إن عمر لا يحبك أبدا، وإنه سيعزلك وإن كذبت بنفسك. فقال لها: صدقت والله. فقاسمه أبو عبيدة حتى أخذ [إحدى] نعليه وترك له الآخرة،