للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا مُعَاذَةُ خَرَجَ فِي رَجَبٍ يَمِيرُ أَهْلَهُ مِنْ هَجَرَ فَهَرَبَتِ امْرَأَتُهُ بَعْدَهُ نَاشِزًا عَلَيْهِ فَعَاذَتْ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مُطَرِّفُ بْنُ نَهْشَلِ بْنِ كَعْبِ بْنِ قُمَيْثِعِ بْنِ ذُلَفِ بْنِ أَهْضِمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحِرْمَازِ [١] فَجَعَلَهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ فَلَمَّا قَدِمَ لَمْ يَجِدْهَا فِي بَيْتِهِ وَأُخْبِرَ أَنَّهَا نَشَزَتْ عَلَيْهِ وَأَنَّهَا عَاذَتْ بِمُطَرِّفِ بْنِ نَهْشَلٍ فَأَتَاهُ فَقَالَ يَا ابْنَ عَمِّ أَعِنْدَكَ امْرَأَتِي مُعَاذَةُ فَادْفَعْهَا إِلَيَّ قَالَ لَيْسَتْ عِنْدِي وَلَوْ كَانَتْ عِنْدِي لَمْ أَدْفَعْهَا إِلَيْكَ قَالَ وَكَانَ مُطَرِّفٌ أَعَزَّ مِنْهُ قَالَ فَخَرَجَ الْأَعْشَى حتى أنى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاذَ بِهِ فأنشأ يَقُولُ:

يَا سَيِّدَ النَّاسِ وَدَيَّانَ الْعَرَبْ ... إِلَيْكَ أشكو ذربة من الذرب

كالذئبة العنساء فِي ظِلِّ السَّرَبْ ... خَرَجْتُ أَبْغِيهَا الطَّعَامَ فِي رَجَبْ

فَخَلَّفَتْنِي بِنِزَاعٍ وَهَرَبْ ... أَخْلَفَتِ الْوَعْدَ وَلَطَّتْ بَالذَّنَبْ

وَقَذَفَتْنِي بَيْنَ عَصْرٍ مُؤْتَشَبْ ... وَهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «وَهُنَّ شَرُّ غَالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ» . فَشَكَى إِلَيْهِ امْرَأَتَهُ وَمَا صَنَعَتْ بِهِ وَأَنَّهَا عِنْدَ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ مُطَرِّفُ بْنُ نَهْشَلٍ فَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مُطَرِّفٍ انْظُرِ امْرَأَةَ هَذَا مُعَاذَةَ فَادْفَعْهَا إِلَيْهِ، فَأَتَاهُ كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُرِئَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا يَا مُعَاذَةُ هَذَا كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيكِ فَأَنَا دَافِعُكِ إِلَيْهِ فَقَالَتْ خُذْ لِي عَلَيْهِ الْعَهْدَ وَالْمِيثَاقَ وَذِمَّةَ نَبِيِّهِ أَنْ لَا يُعَاقِبَنِي فِيمَا صَنَعْتُ فَأَخَذَ لَهَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهَا مُطَرِّفٌ إِلَيْهِ فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

لَعَمْرُكَ مَا حُبِّي مُعَاذَةَ بِالَّذِي ... يُغَيِّرُهُ الْوَاشِي وَلَا قِدَمُ الْعَهْدِ

وَلَا سُوءُ مَا جَاءَتْ بِهِ إِذْ أَزَالَهَا ... غُوَاةُ الرِّجَالِ إِذْ يُنَاجُونَهَا بَعْدِي

قُدُومُ صُرَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيِّ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ ثُمَّ وُفُودِ أَهِلِ جُرَشَ بَعْدَهُمْ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقَدِمَ صُرَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَزْدِيُّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وفد مِنَ الْأَزْدِ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ وَأَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يُجَاهِدَ بِمَنْ أَسْلَمَ مَنْ يَلِيهِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبَائِلِ الْيَمَنِ فَذَهَبَ فَحَاصَرَ جُرَشَ وَبِهَا قَبَائِلُ من اليمن وقد صوت إِلَيْهِمْ خَثْعَمُ حِينَ سَمِعُوا بِمَسِيرِهِ إِلَيْهِمْ فَأَقَامَ عَلَيْهِمْ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ فَامْتَنَعُوا فِيهَا مِنْهُ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْ جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ شَكَرُ فَظَنُّوا أَنَّهُ قَدْ وَلَّى عَنْهُمْ مُنْهَزِمًا فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهِ فَعَطَفَ عَلَيْهِمْ فَقَتَلَهُمْ قَتْلًا شَدِيدًا وَقَدْ كَانَ أَهْلُ جُرَشَ بَعَثُوا مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ فبينما هما عِنْدَهُ بَعْدَ الْعَصْرِ إِذْ قَالَ بِأَيِّ بِلَادِ اللَّهِ شَكَرُ فَقَامَ الْجُرَشِيَّانِ فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ بِبِلَادِنَا جَبَلٌ يُقَالُ لَهُ كَشَرُ وَكَذَلِكَ تسميه أَهْلُ جُرَشَ فَقَالَ إِنَّهُ لَيْسَ بِكَشَرَ وَلَكِنَّهُ شَكَرُ قَالَا فَمَا شَأْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ إِنَّ بُدْنَ اللَّهِ لَتُنْحَرُ عِنْدَهُ الْآنَ، قَالَ فَجَلَسَ الرَّجُلَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَوْ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ لَهُمَا وَيْحَكُمَا إِنَّ رَسُولَ الله


[١] في الاصابة: مطرف بن بهصلة بن كعب بن قشع بن دلف بن هضم إلخ وليراجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>