قال الحافظ البرزالي: وفي يوم السبت ثانى عشر ربيع الأول ورد الخبر بموت ستة أمراء من الديار المصرية: سنقر البغدادي، وبسطا البلدي التتري، وبدر الدين الوزيري، وسنقر الرومي، وآق سنقر الفارقانى ﵏.
[الشيخ خضر الكردي شيخ الملك الظاهر]
خضر بن أبى بكر بن موسى الكردي النهرواني العدوي، ويقال إن أصله من قرية المحمدية من جزيرة ابن عمر، كان ينسب إليه أحوال ومكاشفات، ولكنه لما خالط الناس افتتن ببعض بنات الأمراء، وكان يقول عن الملك الظاهر وهو أمير إنه سيلي الملك، فلهذا كان الملك الظاهر يعتقده ويبالغ في إكرامه بعد أن ولى المملكة، ويعظمه تعظيما زائدا، وينزل عنده إلى زاويته في الأسبوع مرة أو مرتين، ويستصحبه معه في كثير من أسفاره، ويلزمه ويحترمه ويستشيره فيشير عليه برأيه ومكاشفات صحيحة مطابقة، إما رحمانية أو شيطانية، أو حال أو سعادة، لكنه افتتن لما خالط الناس ببعض بنات الأمراء، وكن لا يحتجبن منه، فوقع في الفتنة. وهذا في الغالب واقع في مخالطة الناس فلا يسلم المخالط لهم من الفتنة، ولا سيما مخالطة النساء مع ترك الأصحاب، فلا يسلم العبد البتة منهن. فلما وقع ما وقع فيه حوقق عند السلطان وتيسري وقلاوون والفارس أقطاي الأتابك، فاعترف، فهم بقتله فقال له: إنما بيني وبينك أيام قلائل، فأمر بسجنه فسجن سنين عديدة من سنة إحدى وسبعين إلى سنة ست وسبعين، وقد هدم بالقدس كنيسة وذبح قسيسها وعملها زاوية وقد قدمنا ترجمته قبل ذلك فيما تقدم، ثم لم يزل مسجونا حتى مات في يوم الخميس سادس المحرم من هذه السنة، فأخرج من القلعة وسلم إلى قرابته فدفن في تربة أنشأها في زاويته. مات وهو في عشر الستين، وقد كان يكاشف السلطان في أشياء، وإليه تنسب قبة الشيخ خضر التي على الجبل غربي الربوة، وله زاوية بالقدس الشريف] (١)
[الشيخ محيي الدين النووي]
يحيى بن شرف بن حسن بن حسين بن جمعة بن حزام الحازمي العالم، محيي الدين أبو زكريا النووي ثم الدمشقيّ الشافعيّ العلامة شيخ المذهب، وكبير الفقهاء في زمانه، ولد بنوى سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ونوى قرية من قرى حوران، وقد قدم دمشق سنة تسع وأربعين، وقد حفظ القرآن فشرع في قراءة التنبيه، فيقال إنه قرأه في أربعة أشهر ونصف، وقرأ ربع العبادات من المذهب في بقية السنة، ثم لزم المشايخ تصحيحا وشرحا، فكان يقرأ في كل يوم اثنا عشر درسا على المشايخ، ثم اعتنى بالتصنيف فجمع شيئا كثيرا، منها ما أكمله ومنها ما لم يكمله، فمما كمل شرح مسلم والروضة والمنهاج
(١) سقط من النسخة المصرية وقد تقدمت هذه الترجمة في حوادث سنة ٦٧٢.