ولنحملك على الشارف ثم نطرحك في جبل الدخان. فقال عثمان: قبحك الله وقبح ما جئت به، ثم نزل عثمان. قال ابن أبى حبيبة: وكان آخر يوم رأيته فيه * وقال الواقدي: حدثني أبو بكر بن إسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد. قال: كان أول من اجترأ على عثمان بالنطق السيّئ جبلة بن عمرو الساعدي مر به عثمان وهو في نادى قومه، وفي يد جبلة جامعة، فلما مر عثمان سلم فرد القوم، فقال جبلة: لم تردون عليه؟ رجل قال كذا وكذا، ثم أقبل على عثمان فقال: والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك أو لتتركن بطانتك هذه، فقال عثمان: أي بطانة؟ فو الله لأتخير الناس، فقال مروان تخيرته، ومعاوية تخيرته، وعبد الله بن عامر بن كريز تخيرته، وعبد الله بن سعد بن أبى سرح تخيرته، منهم من نزل القرآن بذمة، وأباح رسول الله ﷺ دمه، قال: فانصرف عثمان فما زال الناس مجترءين عليه إلى هذا اليوم. قال الواقدي: وحدثني محمد بن صالح عن عبيد الله بن رافع بن نقاخة عن عثمان بن الشريد. قال: مر عثمان على جبلة بن عمرو الساعدي وهو بفناء داره، ومعه جامعة، فقال: يا نعثل! والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء، ولأخرجنك إلى حرة النار. ثم جاءه مرة أخرى وعثمان على المنبر فأنزله عنه. وذكر سيف بن عمر أن عثمان بعد أن صلى بالناس يوم الجمعة صعد المنبر فخطبهم أيضا فقال في خطبته: يا هؤلاء الغرباء! الله الله، فو الله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد ﷺ، فامحوا الخطأ بالصواب، فان الله لا يمحو السيّئ إلا بالحسن، فقام محمد بن مسلمة فقال:
أنا أشهد بذلك، فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده، فقام زيد بن ثابت فقال: إنه في الكتاب. فثار إليه من ناحية أخرى محمد بن أبى مريرة، فأقعده وقال يا نطع، وثار القوم بأجمعهم فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد، وحصبوا عثمان حتى صرع من المنبر مغشيا عليه، فاحتمل وأدخل داره، وكان المصريون لا يطمعون في أحد من الناس أن يساعدهم إلا محمد بن أبى بكر، ومحمد بن جعفر، وعمار ابن ياسر. وأقبل على وطلحة والزبير إلى عثمان في أناس يعودونه ويشكون إليه بثهم وما حل بالناس، ثم رجعوا إلى منازلهم، واستقبل جماعة من الصحابة، منهم أبو هريرة وابن عمر، وزيد بن ثابت في المحاربة عن عثمان، فبعث إليهم يقسم عليهم لما كفوا أيديهم وسكنوا حتى يقضى الله ما يشاء.
[ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁]
لما وقع ما وقع يوم الجمعة، وشج أمير المؤمنين عثمان، وهو في رأس المنبر، وسقط مغشيا عليه، واحتمل إلى داره، وتفاقم الأمر، وطمع فيه أولئك الأجلاف الأخلاط من الناس، وألجئوه إلى داره وضيقوا عليه، وأحاطوا بها محاصرين له، ولزم كثير من الصحابة بيوتهم، وسار إليه جماعة من أبناء الصحابة، عن أمر آبائهم، منهم الحسن والحسين، وعبد الله بن الزبير - وكان أمير الدار - وعبد الله بن عمرو بن العاص، وصاروا، يحاجون عنه، ويناضلون دونه أن يصل إليه أحد منهم، وأسلمه بعض الناس