حتى أخبرتهن عائشة بذلك، ووافقنها عليه، وليس يظن بفاطمة ﵂ أنها اتهمت الصديق ﵁ فيما أخبرها به، حاشاها وحاشاه من ذلك، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وعليّ بن أبى طالب، والعباس بن عبد المطلب، وعبد الرحمن ابن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والزبير بن العوام، وسعد بن أبى وقاص، وأبو هريرة، وعائشة ﵃ أجمعين كما سنبينه قريبا. ولو تفرد بروايته الصديق ﵁ لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك، وإن كان غضبها لأجل ما سألت الصديق إذ كانت هذه الأراضي صدقة لا ميراثا أن يكون زوجها ينظر فيها، فقد اعتذر بما حاصله أنه لما كان خليفة رسول الله ﷺ فهو يرى أن فرضا عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله ﷺ، ويلي ما كان يليه رسول الله، ولهذا قال: وإني والله لا أدع امرا كان يصنعه فيه رسول الله ﷺ إلا صنعته، قال فهجرته فاطمة فلم تكلمه حتى ماتت. وهذا الهجران والحالة هذه فتح على فرقة الرافضة شرا عريضا، وجهلا طويلا، وأدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا يعنيهم ولو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله، وقبلوا عنه عذره الّذي يجب على كل أحد قبوله، ولكنهم طائفة مخذولة، وفرقة مرذولة، يتمسكون بالمتشابه، ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام، من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء المعتبرين في سائر الاعصار والأمصار ﵃ وأرضاهم أجمعين.
[بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق وموافقتهم على ذلك]
قال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرنى مالك ابن أوس بن الحدثان وكان محمد بن جبير بن مطعم ذكر لي ذكرا من حديثه ذلك فانطلقت حتى دخلت عليه فسألته فقال انطلقت حتى أدخل على عمر فأتاه حاجبه يرفا فقال هل لك في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ قال نعم! فأذن لهم ثم قال: هل لك في عليّ وعباس؟ قال نعم! قال عباس: يا أمير المؤمنين أقض بيني وبين هذا، قال أنشدكم بالله الّذي باذنه تقوم السماء والأرض هل تعلمون
أن رسول الله ﷺ. قال:«لا نورث ما تركنا صدقة؟» يريد رسول الله ﷺ نفسه؟ قال الرهط قد قال ذلك، فأقبل على عليّ وعباس فقال: هل تعلمان أن رسول الله ﷺ قد قال ذلك؟ قالا قد قال ذلك قال عمر بن الخطاب فانى أحدثكم عن هذا الأمر إن الله كان قد خص لرسول الله في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، قال (ما أفاء الله على رسوله) الى قوله (قدير) فكانت خالصة لرسول الله ﷺ، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثرها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله ﷺ ينفق على أهله من هذا المال نفقة سنته، ثم