للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأخذ ما بقي فيجعله مجعل مال الله، فعمل بذلك رسول الله حياته أنشدكم بالله هل تعلمون ذلك؟ قالوا نعم! ثم قال لعلى وعباس: أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك! فتوفى الله نبيه فقال أبو بكر : أنا ولى رسول الله فقبضها فعمل بما عمل به رسول الله ، ثم توفى الله أبا بكر فقلت أنا ولى ولي رسول الله فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، ثم جئتمانى وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، حتى جئتني تسألنى نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا ليسألنى نصيب امرأته من أبيها، فقلت إن شئتما دفعتها اليكما بذلك، فتلتمسان منى قضاء غير ذلك! فو الله الّذي باذنه تقوم السماء والأرض لا أقضى فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فان عجزتما فادفعاها الىّ فأنا أكفيكماها. وقد رواه البخاري في أماكن متفرقة من صحيحه، ومسلم وأهل السنن من طرق عن الزهري به. وفي رواية في الصحيحين فقال عمر: فوليها أبو بكر فعمل فيها بما عمل رسول الله والله يعلم أنه صادق بارّ راشد تابع للحق، ثم وليتها فعملت فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر، والله يعلم أنى صادق بارّ راشد تابع للحق. ثم جئتمانى فدفعتا إليكما لتعملا فيها بما عمل رسول الله وأبو بكر وعملت فيها أنا، أنشدكم بالله أدفعتها اليهما بذلك؟ قالوا نعم. ثم قال لهما. أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا نعم، قال أفتلتمسان منى قضاء غير ذلك! لا والّذي باذنه تقوم السماء والأرض. وقال الامام احمد حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس قال سمعت عمر يقول لعبد الرحمن وطلحة والزبير وسعد: نشدتكم بالله الّذي تقوم السماء والأرض بأمره أعلمتم

أن رسول الله . قال: «لا نورث ما تركنا صدقة؟» قالوا نعم! على شرط الصحيحين.

قلت: وكان الّذي سألاه - بعد تفويض النظر اليهما والله أعلم - هو أن يقسم بينهما النظر فيجعل لكل واحد منهما نظر ما كان يستحقه بالأرض لو قدر أنه كان وارثا، وكأنهما قدما بين أيديهما جماعة من الصحابة منهم عثمان وابن عوف وطلحة والزبير وسعد، وكان قد وقع بينهما خصومة شديدة بسبب اشاعة النظر بينهما، فقالت الصحابة الذين قدموهم بين أيديهما: يا أمير المؤمنين اقض بينهما، أو أرح أحدهما من الآخر. فكأن عمر تحرج من قسمة النظر بينهما بما يشبه قسمة الميراث ولو في الصورة الظاهرة محافظة على امتثال

قوله «لا نورث ما تركنا صدقة» فامتنع عليهم كلهم وأبى من ذلك أشد الاباء وأرضاه. ثم إن عليا والعباس استمرا على ما كان عليه ينظران فيها جميعا الى زمان عثمان بن عفان، فغلبه عليها على وتركها له العباس بإشارة ابنه عبد الله بين يدي عثمان، كما رواه احمد في مسندة. فاستمرت في أيدي العلويين. وقد تقصيت طرق هذا الحديث وألفاظه في مسندي الشيخين أبى بكر وعمر ، فانى ولله الحمد جمعت لكل واحد منهما مجلدا ضخما مما رواه عن رسول الله ، ورآه

<<  <  ج: ص:  >  >>