وراء مروان فنزل على نهر الكسوة ووجه يحيى بن جعفر الهاشمي نائبا على دمشق، ثم سار فنزل مرج الروم، ثم أتى نهر أبى فطرس فوجد مروان قد هرب فدخل مصر، وجاءه كتاب السفاح: ابعث صالح بن على في طلب مروان وأقم أنت بالشام نائبا عليها، فسار صالح يطلب مروان في ذي القعدة من هذه السنة، ومعه أبو عمر وعامر بن إسماعيل، فنزل على ساحل البحر وجمع ما هناك من السفن وبلغه أن مروان قد نزل الفرما، وقيل الفيوم، فجعل يسير على الساحل والسفن تقاد معه في البحر حتى أتى العريش، ثم سار حتى نزل على النيل ثم سار إلى الصعيد، فعبر مروان النيل وقطع الجسر وحرق ما حوله من العلف والطعام، ومضى صالح في طلبه. فالتقى بخيل لمروان فهزمهم، ثم جعل كلما التقوا مع خيل لمروان يهزمونهم حتى سألوا بعض من أسروا عن مروان فدلهم عليه، وإذا به في كنيسة أبوصير، فوافوه من آخر الليل فانهزم من معه من الجند وخرج إليهم مروان في نفر يسير معه فأحاطوا به حتى قتلوه، طعنه رجل من أهل البصرة يقال له معود، ولا يعرفه حتى قال رجل صرع أمير المؤمنين. فابتدره رجل من أهل الكوفة كان يبيع الرمان فاحتز رأسه، فبعث به عامر بن إسماعيل أمير هذه السرية إلى أبى عون، فبعث به أبو عون إلى صالح بن على، فبعث به صالح مع رجل يقال له خزيمة بن يزيد بن هانئ كان على شرطته، لأمير المؤمنين السفاح.
وكان مقتل مروان يوم الأحد لثلاث بقين من ذي الحجة، وقيل يوم الخميس لست مضين منها سنة ثنتين وثلاثين ومائة، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام على المشهور، واختلفوا في سنه فقيل أربعون سنة، وقيل ست وقيل ثمان وخمسون سنة، وقيل ستون وقيل اثنتان وقيل ثلاث وقيل تسع وستون سنة، وقيل ثمانون فالله أعلم.
ثم إن صالح بن على سار إلى الشام واستخلف على مصر أبا عون بن أبى يزيد والله سبحانه أعلم.
[وهذا شيء من ترجمة مروان الحمار]
وهو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية، القرشي الأموي، أبو عبد الملك أمير المؤمنين آخر خلفاء بنى أمية، وأمه أمة كردية يقال لها لبابة، وكانت لإبراهيم بن الأشتر النخعي، أخذها محمد بن مروان يوم قتله فاستولدها مروان هذا، ويقال إنها كانت أولا لمصعب بن الزبير، وقد كانت دار مروان هذا في سوق الأكافين، قاله ابن عساكر. بويع له بالخلافة بعد قتل الوليد بن يزيد، وبعد موت يزيد بن الوليد، ثم قدم دمشق وخلع إبراهيم بن الوليد، واستمر له الأمر في نصف صفر سنة سبع وعشرين ومائة. قال أبو معشر: بويع له بالخلافة في ربيع الأول سنة تسع وعشرين ومائة، وكان يقال له مروان الجعديّ، نسبة إلى رأى الجعد بن درهم، وتلقب بالحمار، وهو آخر من ملك من بنى أمية، وكانت خلافته خمس سنين وعشرة أشهر وعشرة أيام، وقيل