الملك العادل سلامش ابن الظاهر، وأخرجوه من البين، وإنما كانوا قد بايعوه صورة ليسكن الشر عند خلع الملك السعيد، ثم اتفقوا على بيعة الملك المنصور قلاوون الصالحي، ولقبوه الملك المنصور، وجاءت البيعة إلى دمشق فوافق الأمراء وحلفوا، وذكر أن الأمير شمس الدين سنقر الأشقر لم يحلف مع الناس ولم يرض بما وقع، وكأنه داخله حسد من المنصور، لأنه كان يرى أنه أعظم منه عند الظاهر. وخطب للمنصور على المنابر في الديار المصرية والشامية، وضربت السكة باسمه، وجرت الأمور بمقتضى رأيه فعزل وولى ونفذت مراسيمه في سائر البلاد بذلك، فعزل عن الوزارة برهان الدين السنجاري وولى مكانه فخر الدين ابن لقمان كاتب السر، وصاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية.
وفي يوم الخميس الحادي عشر من ذي القعدة من هذه السنة توفى الملك السعيد ابن الملك الظاهر بالكرك وسيأتي ذكر ترجمته إن شاء الله تعالى. وفيها حمل الأمير أيدمر الّذي كان نائب الشام في محفة لمرض لحقه إلى الديار المصرية، فدخلها في أواخر ذي القعدة، واعتقل بقلعة مصر.
[ذكر سلطنة سنقر الأشقر بدمشق]
لما كان يوم الجمعة الرابع والعشرين من ذي القعدة ركب الأمير شمس الدين سنقر الأشقر من دار السعادة بعد صلاة العصر وبين يديه جماعة من الأمراء والجند مشاة، وقصد باب القلعة الّذي يلي المدينة، فهجم منه ودخل القلعة واستدعى الأمراء فبايعوه على السلطنة، ولقب بالملك الكامل، وأقام بالقلعة ونادت المنادية بدمشق بذلك، فلما أصبح يوم السبت استدعى بالقضاة والعلماء والأعيان ورؤساء البلد إلى مسجد أبى الدرداء بالقلعة، وحلفهم وحلف له بقية الأمراء والعسكر، وأرسل العساكر إلى غزة لحفظ الأطراف وأخذ الغلات، وأرسل الملك المنصور إلى الشوبك فتسلمها نوابه ولم يمانعهم نجم الدين خضر. وفيها جددت أربع أضلاع في قبة النسر من الناحية الغربية. وفيها عزل فتح الدين بن القيسراني من الوزارة بدمشق ووليها تقى الدين بن توبة التكريتي.
[وممن توفى فيها من الأعيان.]
[عز الدين بن غانم الواعظ]
عبد السلام بن أحمد بن غانم بن على بن إبراهيم بن عساكر بن حسين عز الدين أحمد الأنصاري المقدسي، الواعظ المطبق المفلق الشاعر الفصيح، الّذي نسج على منوال ابن الجوزي وأمثاله، وقد أورد له قطب الدين أشياء حسنة كثيرة مليحة، وكان له قبول عند الناس، تكلم مرة تجاه الكعبة المعظمة، وكان في الحضرة الشيخ تاج الدين بن الفزاري والشيخ تقى الدين بن دقيق العيد، وابن العجيل من اليمن وغيرهم من العلماء والعباد، فأجاد وأفاد وخطب فأبلغ وأحسن. نقل هذا المجلس الشيخ تاج الدين بن الفزاري، وأنه كان في سنة خمس وسبعين.