للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجزية فنصبوا له الحرب وقاتلوه، ثم كانت بينه وبين الترك حروب كثيرة، أطال ابن جرير بسطها وشرحها فوق الحاجة. وفيها أرسل أمير المؤمنين هشام بن عبيدة إلى إفريقية متوليا عليها، فلما وصل جهز ابنه وأخاه في جيش فالتقوا مع المشركين فقتلوا منهم خلقا كثيرا وأسروا بطريقهم وانهزم باقيهم، وغنم المسلمون منهم شيئا كثيرا. وفيها افتتح معاوية بن هشام حصنين من بلاد الروم، وغنم غنائم جمة. وفيها حج بالناس إبراهيم بن هشام، وعلى العراق خالد القسري، وعلى خراسان أشرس السلمي.

[ذكر من توفى فيها من الأعيان]

[جرير الشاعر]

وهو جرير بن الخطفى ويقال ابن عطية بن الخطفى واسم الخطفى حذيفة بن بدر بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن طابخة بن الياس ابن مضر بن نزار، أبو حرزة الشاعر البصري، قدم دمشق مرارا، وامتدح يزيد بن معاوية والخلفاء من بعده ووفد على عمر بن عبد العزيز، وكان في عصره من الشعراء الذين يقارنونه الفرزدق والأخطل، وكان جرير أشعرهم وأخيرهم، قال غير واحد: هو أشعر الثلاثة، قال ابن دريد ثنا الاشناندانى ثنا الثوري عن أبى عبيدة عن عثمان البنيّ قال: رأيت جريرا وما تضم شفتاه من التسبيح، فقلت: وما ينفعك هذا؟ فقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد إن الحسنات يذهبن السيئات، وعد من الله حق. وقال هشام بن محمد الكلبي عن أبيه قال: دخل رجل من بنى عذرة على عبد الملك بن مروان يمتدحه بقصيدة وعنده الشعراء الثلاثة، جرير والفرزدق والأخطل، فلم يعرفهم الأعرابي، فقال عبد الملك للأعرابى: هل تعرف أهجى بيت قالته العرب في الإسلام؟ قال: نعم! قول جرير:

فغض الطرف إنك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا

فقال: أحسنت، فهل تعرف أمدح بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم! قول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح

فقال: أصبت وأحسنت، فهل تعرف أرق بيت قيل في الإسلام؟ قال: نعم! قول جرير:

إن العيون التي في طرفها مرض … قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به … وهن أضعف خلق الله أركانا

فقال: أحسنت، فهل تعرف جريرا؟ قال: لا والله، وإني إلى رؤيته لمشتاق، قال: فهذا جرير وهذا الفرزدق وهذا الأخطل، فأنشأ الأعرابي يقول: -

<<  <  ج: ص:  >  >>