فكان حظ العروس إذ جشر … الصبح دماء تجرى سبائبها
وخرب الحضر واستبيح وقد … أحرق في خدرها مشاجبها
وقال عدي بن زيد أيضا:
أيها الشامت المعير بالدهر … أأنت المبرأ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من الا … يام بل أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون خلدن أم … من ذا عليه من أن يضام خفير
اين كسرى كسرى الملوك … أنوشروان أم أين قبله سابور
وبنو الأصفر الكرام ملوك … الروم لم يبق منهم مذكور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة … تجبى اليه والخابور
شاده مرمرا وجلله كلسا … فللطير في ذراه وكور
لم يهبه ريب المنون فبان … الملك عنه فبابه مهجور
وتذكر رب الخورنق إذ … أشرف يوما وللهدى تفكير
سره ماله وكثرة ما يملك … والبحر معرضا والسدير
فارعوى قلبه وقال وما غبطة … حي الى الممات يصير
ثم اضحوا كأنهم ورق جف … فألوت به الصبا والدبور
قلت: ورب الخورنق الّذي ذكره في شعره رجل من الملوك المتقدمين وعظه بعض علماء زمانه في أمره الّذي كان قد أسرف فيه وعتا وتمرد فيه واتبع نفسه هواها ولم يراقب فيها مولاها فوعظه بمن سلف قبله من الملوك والدول وكيف بادوا ولم يبق منهم أحد وأنه ما صار اليه عن غيره الا وهو منتقل عنه إلى من بعده، فأخذته موعظته وبلغت منه كل مبلغ فارعوى لنفسه، وفكر في يومه وأمسه، وخاف من ضيق رمسه. فتاب وأناب ونزع عما كان فيه وترك الملك ولبس ذي الفقراء وساح في الفلوات وحظي بالخلوات وخرج عما كان الناس فيه من اتباع الشهوات وعصيان رب السموات وقد ذكر قصته مبسوطة الشيخ الامام موفق بن قدامة المقدسي ﵀ في كتاب التوابين وكذلك أوردها باسناد متين الحافظ أبو القاسم السهيليّ في كتاب الروض الأنف المرتب أحسن ترتيب وأوضح تبيين.
[خبر ملوك الطوائف]
وأما صاحب الحضر وهو ساطرون فقد تقدم أنه كان مقدما على سائر ملوك الطوائف وكان من زمن إسكندر بن فيلبس المقدوني اليوناني وذلك لانه لما غلب على ملك الفرس دارا بن دارا وأذل