[ابن عباس مرفوعا «لأن يربى أحدكم بعد أربع وخمسين ومائة جر وكلب خير له من أن يربى ولدا لصلبه». وهذا منكر جدا وفي إسناده نظر. ذكره من طريق تمام عن خيثمة بن سليمان عن محمد ابن عوف الحمصي عن أبى المغيرة عبد الله بن السمط عن صالح به، وعبد الله بن السمط هذا لا أعرفه، وقد ذكره شيخنا الحافظ الذهبي في كتابه الميزان وقال: روى عن صالح بن على حديثا موضوعا] (١)
[ثم دخلت سنة خمس وخمسين ومائة]
فيها دخل يزيد بن حاتم بلاد إفريقية فافتتحها عودا على بدء، وقتل من كان فيها ممن تغلب عليها من الخوارج، وقتل أمراءهم وأسر كبراءهم وأذل أشرافهم واستبدل أهل تلك البلاد بالخوف أمنا وسلامة، وبالإهانة كرامة، وكان من جملة من قتل من أمرائهم أبو حاتم وأبو عباد الخارجيان. ثم لما استقامت له وبه الأمور في البلدان دخل بعد ذلك بلاد القيروان فمهدها وأقر أهلها وقرر أمورها وأزال محذورها والله سبحانه أعلم.
[بناء الرافقة وهي المدينة المشهورة]
وفيها أمر المنصور ببناء الرافقة على منوال بناء بغداد في هذه السنة، وأمر فيها ببناء سور وعمل خندق حول الكوفة، وأخذ ما غرم على ذلك من أموال أهلها، من كل إنسان من أهل اليسار أربعين درهما. وقد فرضها أولا خمسة دراهم، خمسة دراهم، ثم جباها أربعين أربعين، فقال في ذلك بعضهم
يا لقومي ما رأينا … في أمير المؤمنينا
قسم الخمسة فينا … وجبانا أربعينا
وفيها غزا الصائفة يزيد بن أسيد السلمي. وفيها طلب ملك الروم الصلح من المنصور على أن يحمل إليه الجزية. وفيها عزل المنصور أخاه العباس بن محمد بن الجزيرة وغرمه أموالا كثيرة.
وفيها عزل محمد بن سليمان بن على عن إمرة الكوفة، فقيل لأمور بلغته عنه في تعاطى منكرات، وأمور لا تليق بالعمال، وقيل لقتله محمد بن أبى العوجاء - وقد كان ابن أبى العوجاء هذا زنديقا - يقال إنه لما أمر بضرب عنقه اعترف على نفسه بوضع أربعة آلاف حديث يحل فيها الحرام ويحرم فيها الحلال، ويصوّم الناس يوم الفطر ويفطرهم في أيام الصيام، فأراد المنصور أن يجعل قتله له ذنبا فعزله به، وإنما أراد أن يقيده منه، فقال له عيسى بن موسى: يا أمير المؤمنين لا تعزله بهذا ولا نقتله به، فإنه إنما قتله على الزندقة، ومتى عزلته به شكره العامة وذموك، فتركه حينا ثم عزله وولى مكانه على الكوفة عمرو بن زهير. وفيها عزل عن المدينة الحسن بن زيد وولى عليها عمه عبد الصمد بن على، وجعل معه فليح بن سليمان مشرفا عليه. وعلى إمرة مكة محمد بن إبراهيم بن محمد، وعلى البصرة الهيثم بن معاوية، وعلى مصر محمد بن سعيد، وعلى إفريقية يزيد بن حاتم. وفيها توفى صفوان