للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليث على وفي الحروب نعامة … فتخاء تجفل من صفير الصافر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى … بل كان قلبك في جناحي طائر

[ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائة]

قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا رزق الله بن موسى ثنا محمد بن إسماعيل بن أبى فديك ثنا عبد الملك بن زيد عن مصعب بن مصعب عن الزهري عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال قال رسول الله : ترفع زينة الدنيا سنة خمس وعشرين ومائة، وكذا رواه أبو يعلى في مسندة عن أبى كريب عن ابن أبى فديك عن عبد الملك بن سعيد بن زيد بن نفيل عن مصعب بن مصعب عن الزهري به. قلت: وهذا حديث غريب منكر، ومصعب بن مصعب بن عبد الرحمن ابن عوف الزهري تكلم فيه وضعفه على بن الحسين بن الجنيد: وكذا تكلم في الراويّ عنه أيضا والله أعلم. وفيها غزا النعمان بن يزيد بن عبد الملك الصائفة من بلاد الروم، وفي ربيع الآخر منها توفى أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك بن مروان.

[ذكر وفاته وترجمته ]

هو هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقيّ، أمير المؤمنين. وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعيل المخزومي، وكانت داره بدمشق عند باب الخواصين، وبعضها اليوم مدرسة نور الدين الشهيد التي يقال لها النورية الكبيرة، وتعرف بدار القبابين - يعنى الذين يبيعون القباب وهي الخيام - فكانت تلك المحلة داره والله أعلم. وقد بويع له بالخلافة بعد أخيه يزيد بن عبد الملك بعهد منه إليه، وذلك يوم الجمعة لأربع بقين من شعبان سنة خمس ومائة، وكان له من العمر يومئذ أربع وثلاثون سنة، وكان جميلا أبيض أحول يخضب بالسواد، وهو الرابع من ولد عبد الملك الذين ولوا الخلافة، وقد كان عبد الملك رأى في المنام كأنه بال في المحراب أربع مرات، فدس إلى سعيد بن المسبب من سأله عنها ففسرها له بأنه يلي الخلافة من ولده أربعة، فوقع ذلك، فكان هشام آخرهم، وكان في خلافته حازم الرأى جماعا للأموال يبخل، وكان ذكيا مدبرا له بصر بالأمور جليلها وحقيرها، وكان فيه حلم وأناة، شتم مرة رجلا من الأشراف فقال: أتشتمني وأنت خليفة الله في الأرض؟ فاستحيا وقال: اقتص منى بدلها أو قال بمثلها، فقال: إذا أكون سفيها مثلك، قال فخذ عوضا قال: لا أفعل، قال: فأتركها لله، قال:

هي لله ثم لك، فقال هشام عند ذلك: والله لا أعود إلى مثلها.

وقال الأصمعي: أسمع رجل هشاما كلاما فقال له: أتقول لي مثل هذا وأنا خليفتك؟ وغضب مرة على رجل فقال له: اسكت وإلا ضربتك سوطا، وكان على بن الحسين قد اقترض من مروان

<<  <  ج: ص:  >  >>