للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الحكم مالا أربعة آلاف دينار، فلم يتعرض له أحد من بنى مروان، حتى استخلف هشام فقال:

ما فعل حقنا قبلك؟ قال: موفور مشكور، فقال! هو لك.

[قلت: هذا الكلام فيه نظر، وذلك أن على بن الحسين مات سنة الفقهاء، وهي سنة أربع وتسعين، قبل أن يلي هشام الخلافة بإحدى عشرة سنة، فإنه إنما ولى الخلافة سنة خمس ومائة، فقول المؤلف: إن أحدا من خلفاء بنى مروان لم يتعرض لمطالبة على بن الحسين حتى ولى هشام فطالبه بالمال المذكور، فيه نظر ولا يصح، لتقدم موت على على خلافة هشام، والله أعلم] (١) وكان هشام من أكره الناس لسفك الدماء، ولقد دخل عليه من مقتل زيد بن على وابنه يحيى أمر شديد وقال: وددت أنى افتديتهما بجميع ما أملك. وقال المدائني عن رجل من حيي عن بشر مولى هشام قال: أتى هشام برجل عنده قيان وخمر وبربط، فقال: اكسروا الطنبور على رأسه وقرنه، فبكى الشيخ، قال بشر: فضربه، قال أتراني أبكى للضرب، إنما أبكى لاحتقارك البربط حتى سميته طنبورا، وأغلظ لهشام رجل يوما في الكلام فقال: ليس لك أن تقول هذا لامامك. وتفقد أحد ولده يوم الجمعة فبعث إليه مالك لم تشهد الجمعة؟ فقال: إن بغلتي عجزت عنى، فبعث إليه أما كان يمكنك المشي، ومنعه أن يركب سنة، وأن يشهد الجمعة ماشيا وذكر المدائني أن رجلا أهدى إلى هشام طيرين فأوردهما السفير إلى هشام، وهو جالس على سرير في وسط داره، فقال له: أرسلهما في الدار، فأرسلهما، ثم قال: جائزتي يا أمير المؤمنين فقال:

ويحك وما جائزتك على هدية طيرين؟ خذ أحدهما، فجعل الرجل يسعى خلف أحدهما، فقال:

ويحك ما بالك؟ فقال أختار أجودهما: قال: وتختار أيضا الجيد وتترك الرديء؟ ثم أمر له بأربعين أو خمسين درهما. وذكر المدائني عن محرم (٢) كاتب يوسف بن عمر، قال: بعثني يوسف إلى هشام بياقوتة حمراء ولؤلؤة كانتا لرابعة، جارية خالد بن عبد الله القسري، مشتري الياقوتة ثلاثة وسبعون ألف دينار، قال: فدخلت عليه وهو على سرير فوقه فرش لم أر رأس هشام من علو تلك الفرش، فأوريتها له، فقال: كم زنتها؟ فقلت: إن مثل هذه لا مثل لها، فسكت. قالوا: ورأى قوما يفرطون الزيتون فقال القطوه لقطا ولا تنفضوه نفضا، فتفقأ عيونه وتكسر غصونه، وكان يقول: ثلاثة لا يضعن الشريف: تعاهد الصنيعة، وإصلاح المعيشة، وطلب الحق وإن قل. وقال أبو بكر الخرائطى:

يقال إن هشاما لم يقل من الشعر سوى هذا البيت:

إذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى … إلى كل ما فيه عليك مقال

وقد روى له شعر غير هذا، وقال المدائني عن ابن يسار الأعرجي حدثني ابن أبى بجيلة عن عقال بن


(١) زيادة من المصرية.
(٢) كذا ولم نجد له مرجعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>