للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شبة قال: دخلت على هشام وعليه قباء فتك أخضر، فوجهني إلى خراسان، ثم جعل يوصيني وأنا انظر إلى القباء، ففطن فقال: ما لك؟ قلت: عليك قباء فتك أخضر، [وكنت رأيت عليك مثله] قبل أن تلى الخلافة، فجعلت أتأمل هذا هو ذاك أم غيره، قال: والله الّذي لا إله غيره هو ذاك، ما لي قباء غيره، وما ترون من جمعى لهذا المال وصونه إلا لكم. قال عقال: وكان هشام محشوا بخلا.

وقال عبد الله بن عليّ عم السفاح: جمعت دواوين بنى أمية فلم أر أصلح للعامة والسلطان من ديوان هشام. وقال المدائني عن هشام بن عبد الحميد: لم يكن أحد من بنى مروان أشد نظرا في أصحابه ودواوينه، ولا أشد مبالغة في الفحص عنهم من هشام، وهو الّذي قتل غيلان القدري، ولما أحضر بنى يديه قال له: ويحك قل ما عندك، إن كان حقا اتبعناه، وإن كان باطلا رجعت عنه، فناظره ميمون بن مهران فقال لميمون أشياء فقال له: أيعصى الله كارها؟ فسكت غيلان فقيده حينئذ هشام وقتله. وقال الأصمعي عن أبى الزناد عن منذر بن أبى ثور قال: أصبنا في خزائن هشام اثنى عشر ألف قميص كلها قد أثر بها. وشكى هشام إلى أبيه ثلاثا إحداهن أنه يهاب الصعود إلى المنبر، والثانية قلة تناول الطعام، والثالثة أن عنده في القصر مائة جارية من حسان النساء لا يكاد يصل إلى واحدة منهن. فكتب إليه أبوه: أما صعودك إلى المنبر فإذا علوت فوقه فارم ببصرك إلى مؤخر الناس فإنه أهون عليك، وأما قلة الطعام فمر الطباخ فليكثر الألوان فعلك أن تتناول من كل لون لقمة، وعليك بكل بيضاء بضة، ذات جمال وحسن. وقال أبو عبد الله الشافعيّ: لما بنى هشام بن عبد الملك الرصافة قال: أحب أن أخلو بها يوما لا يأتينى فيه خبر غم، فما انتصف النهار حتى أتته ريشة دم من بعض الثغور، فقال: ولا يوما واحدا؟! وقال سفيان بن عيينة: كان هشام لا يكتب إليه بكتاب فيه ذكر الموت. وقال أبو بكر بن أبى خيثمة: ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا حسين ابن زيد عن شهاب بن عبد ربه عن عمر بن على قال: مشيت مع محمد بن على - يعنى ابن الحسين ابن على بن أبى طالب - إلى داره عند الحمام فقلت له: إنه قد طال ملك هشام وسلطانه، وقد قرب من العشرين سنة، وقد زعم الناس أن سليمان سأل ربه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده، فزعم الناس أنها العشرون، فقال: ما أدرى ما أحاديث الناس، ولكن أبى حدثني عن أبيه عن على

عن النبي قال: «لن يعمر الله ملكا في أمة نبي مضى قبله ما بلغ ذلك النبي من العمر في أمته، فان الله عمر نبيه ثلاث عشرة سنة بمكة وعشرا بالمدينة». وقال ابن أبى خيثمة: ليس حديث فيه توقيت غير هذا، قرأه يحيى بن معين على كتابي فقال: من حدثك به؟ فقلت: إبراهيم، فتلهف أن لا يكون سمعه، وقد رواه ابن جرير في تاريخه عن أحمد بن زهير عن إبراهيم بن المنذر الحزامي. وروى مسلم بن إبراهيم ثنا القاسم بن الفضل حدثني عباد بن المعرا الفتكى (١) عن عاصم بن


(١) كذا الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>