ابْنِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ. وَفِي شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى اشْتُهِرَ أَنَّ نَائِبَ حَلَبَ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ طَشْتَمُرَ الْمُلَقَّبَ بِالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ قَائِمٌ فِي نُصْرَةِ ابْنِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ الَّذِي بِالْكَرَكِ، وَأَنَّهُ يَسْتَخْدِمُ لِذَلِكَ وَيَجْمَعُ الْجُمُوعَ فاللَّه أَعْلَمُ. وَفِي الْعَشْرِ الثَّانِي مِنْهُ وَصَلَتِ الْجُيُوشُ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ قُطْلُوبُغَا الْفَخْرِيِّ إِلَى الْكَرَكِ فِي طَلَبِ ابْنِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ. وَفِي هَذَا الشَّهْرِ كَثُرَ الْكَلَامُ فِي أَمْرِ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ بْنِ النَّاصِرِ الَّذِي بِالْكَرَكِ، بِسَبَبِ مُحَاصَرَةِ الْجَيْشِ الَّذِي صُحْبَةُ الْفَخْرِيِّ لَهُ، وَاشْتَهَرَ أَنَّ نَائِبَ حَلَبَ الْأَمِيرَ سَيْفَ الدِّينِ طَشْتَمُرَ الْمُلَقَّبَ بِالْحِمَّصِ الْأَخْضَرِ قَائِمٌ بِجَنْبِ أَوْلَادِ السُّلْطَانِ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى الصَّعِيدِ، وَفِي الْقِيَامِ بِالْمُدَافَعَةِ عَنِ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ، لِيَصْرِفَ عَنْهُ الْجَيْشَ، وَتَرَكَ حِصَارَهُ وَعَزَمَ بِالذَّهَابِ إِلَى الْكَرَكِ لِنُصْرَةِ أَحْمَدَ ابْنِ أُسْتَاذِهِ، وَتَهَيَّأَ لَهُ نَائِبُ الشَّامِ بِدِمَشْقَ، وَنَادَى فِي الْجَيْشِ لِمُلْتَقَاهُ وَمُدَافَعَتِهِ عَمَّا يُرِيدُ مِنْ إِقَامَةِ الْفِتْنَةِ وَشَقِّ الْعَصَا، وَاهْتَمَّ الْجُنْدُ لِذَلِكَ، وَتَأَهَّبُوا وَاسْتَعَدُّوا، وَلَحِقَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلْفَةٌ كَثِيرَةٌ، وَانْزَعَجَ النَّاسُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَتَخَوَّفُوا أَنْ تَكُونَ فِتْنَةً، وَحَسِبُوا إِنْ وَقَعَ قِتَالٌ بَيْنِهِمْ أَنْ تَقُومَ الْعَشِيرَاتُ فِي الْجِبَالِ وَحَوْرَانَ، وَتَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ الزِّرَاعَاتِ وَغَيْرُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ من حلب صاحب السُّلْطَانِ فِي الرَّسْلِيَّةِ إِلَى نَائِبِ دِمَشْقَ الْأَمِيرِ عَلَاءِ الدِّينِ أُلْطُنْبُغَا وَمَعَهُ مُشَافَهَةٌ، فَاسْتَمَعَ لَهَا فبعث معه صاحب الميسرة أمان السَّاقِيَ، فَذَهَبَا إِلَى حَلَبَ ثُمَّ رَجَعَا فِي أَوَاخِرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَتَوَجَّهَا إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، وَاشْتَهَرَ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَافَقَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ رُجُوعِ أَوْلَادِ الْمَلِكِ النَّاصِرِ إِلَى مِصْرَ، مَا عَدَا الْمَنْصُورَ، وَأَنْ يُخَلَّى عَنْ مُحَاصَرَةِ الْكَرَكِ.
وَفِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى تُوُفِّيَ مُظَفَّرُ الدِّينِ مُوسَى بْنُ مُهَنَّا مَلِكُ الْعَرَبِ وَدُفِنَ بِتَدْمُرَ وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ ثَانِي جُمَادَى الْآخِرَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ تُوُفِّيَ الْخَطِيبُ بَدْرُ الدين محمد بن الْقَاضِي جَلَالِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ بِدَارِ الْخَطَابَةِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَخَطَبَ جُمْعَةً وَاحِدَةً وَصَلَّى بِالنَّاسِ إِلَى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى ثُمَّ مَرِضَ فَخَطَبَ عَنْهُ أَخُوهُ تَاجُ الدين عبد الرحيم على العادة ثلاثة جُمَعٍ، وَهُوَ مَرِيضٌ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ يَوْمَئِذٍ، وَتَأَسَّفَ النَّاسُ عَلَيْهِ لِحُسْنِ شَكْلِهِ وَصَبَاحَةِ وَجْهِهِ وَحُسْنِ مُلْتَقَاهُ وَتَوَاضُعِهِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ للظهر فَتَأَخَّرَ تَجْهِيزُهُ إِلَى الْعَصْرِ فَصَلَّى عَلَيْهِ بِالْجَامِعِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ، وَخَرَجَ بِهِ النَّاسُ إِلَى الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَتْ جِنَازَتُهُ حَافِلَةً جِدًّا، فَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ بِالتُّرْبَةِ الَّتِي أَنْشَأَهَا الْخَطِيبُ بَدْرُ الدِّينِ هُنَاكَ رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَفِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَامِسِ الشَّهْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ خَرَجَ نَائِبُ السلطنة الأمير علاء الدين الطنبغا وجميع الجيش قاصدين للبلاد الْحَلَبِيَّةَ لِلْقَبْضِ عَلَى نَائِبِ حَلَبَ الْأَمِيرِ سَيْفِ الدِّينِ طَشْتَمُرَ، لِأَجْلِ مَا أَظْهَرَ مِنَ الْقِيَامِ مَعَ ابْنِ السُّلْطَانِ الْأَمِيرِ أَحْمَدَ الَّذِي فِي الْكَرَكِ، وَخَرَجَ النَّاسُ فِي يَوْمٍ شَدِيدِ الْمَطَرِ كَثِيرِ الْوَحْلِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا عَصِيبًا، أَحْسَنَ اللَّهُ الْعَاقِبَةَ. وَأَمَرَ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ الخطيب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute