الشمس لؤلؤ ولاية البر بدمشق بعد وفاة شهاب الدين بن المرواني، ووصل كتاب من مكة إلى دمشق في رمضان يذكر فيه أنها وقعت صواعق ببلاد الحجاز فقتلت جماعة متفرقين في أماكن شتى، وأمطار كثيرة جدا، وجاء البريد في رابع رمضان بتولية القاضي محيي الدين بن جميل قضاء طرابلس فذهب إليها، ودرس ابن المجد عبد الله بالرواحية عوضا عن الأصبهاني بحكم إقامته بمصر. وفي آخر رمضان أفرج عن الصاحب علاء الدين وأخيه شمس الدين موسى بن التاج إسحاق بعد سجنهما سنة ونصفا.
وخرج الركب الشامي يوم الخميس عاشر شوال وأميره بدر الدين بن معبد وقاضيه علاء الدين ابن منصور مدرس الحنفية بالقدس بمدرسة تنكز، وفي الحجاج صدر الدين المالكي، وشهاب الدين الظهيرى، ومحيي الدين ابن الأعقف وآخرون وفي يوم الأحد ثالث عشره درس بالاتابكية ابن جملة عوضا عن ابن جميل تولى قضاء طرابلس، وفي يوم الأحد عشرينه حكم القاضي شمس الدين محمد بن كامل التدمري، الّذي كان في خطابة الخليل بدمشق نيابة عن ابن جملة، وفرح الناس بدينه وفضيلته.
وفي ذي القعدة مسك تنكز دواداره ناصر الدين محمد، وكان عنده بمكانة عظيمة جدا، وضربه بين يديه ضربا مبرحا، واستخلص منه أموالا كثيرة، ثم حبسه بالقلعة ثم نفاه إلى القدس، وضرب جماعة من أصحابه منهم علاء الدين بن مقلد حاجب العرب، وقطع لسانه مرتين، ومات وتغيرت الدولة وجاءت دولة أخرى مقدمها عنده حمزة الّذي كان سميره وعشيرة في هذه المدة الأخيرة، وانزاحت النعمة عن الدوادار ناصر الدين وذويه ومن يليه.
وفي يوم الثلاثاء ثامن عشرين ذي القعدة ركب على الكعبة باب حديد أرسله السلطان مرصعا من السبط الأحمر كأنه آبنوس، مركب عليه صفائح من فضة زنتها خمسة وثلاثون ألفا وثلاثمائة وكسر، وقلع الباب العتيق، وهو من خشب الساج، وعليه صفائح تسلمها بنو شيبة، وكان زنتها ستين رطلا فباعوها كل درهم بدرهمين، لأجل التبرك. وهذا خطأ وهو ربا - وكان ينبغي أن يبيعوها بالذهب لئلا يحصل ربا بذلك - وترك خشب الباب العتيق داخل الكعبة، وعليه اسم صاحب اليمن في الفردتين، واحدة عليها: اللهمّ يا ولى يا على اغفر ليوسف بن عمر بن على.
[وممن توفى فيها من الأعيان]
[الشيخ العالم تقى الدين محمود على]
ابن محمود بن مقبل الدقوقى أبو الثناء البغدادي محدث بغداد منذ خمسين سنة، يقرأ لهم الحديث وقد ولى مشيخة الحديث بالمستنصرية، وكان ضابطا محصلا بارعا، وكان يعظ ويتكلم في الأعزية