للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو قائم لا يزول منه شيء ولا يتحرك. وقال ابن عيينة: قلت لابن جرير: ما رأيت مصليا مثلك.

فقال: لو رأيت عطاء؟. وقال عطاء: إن الله لا يحب الفتى يلبس الثوب المشهور، فيعرض الله عنه حتى يضع ذلك الثوب. وكان يقال: ينبغي للعبد أن يكون كالمريض لا بد له من قوت، وليس كل الطعام يوافقه. وكان يقال: الدعوة تعمى عين الحكيم فكيف بالجاهل؟ ولا تغبطن ذا نعمة بما هو فيه فإنك لا تدري إلى ماذا يصير بعد الموت] (١)

[ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائة]

ففيها وقع طاعون بالشام، وحج بالناس فيها محمد بن هشام بن إسماعيل وهو نائب الحرمين والطائف. والنواب في سائر البلاد هم المذكورون في التي قبلها والله أعلم.

[وممن توفى فيها من الأعيان]

[أبو جعفر الباقر]

وهو محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب القرشي الهاشمي أبو جعفر الباقر، وأمه أم عبد الله بنت الحسن بن على، وهو تابعي جليل، كبير القدر كثيرا، أحد أعلام هذه الأمة علما وعملا وسيادة وشرفا، وهو أحد من تدعى فيه طائفة الشيعة أنه أحد الأئمة الاثني عشر، ولم يكن الرجل على طريقهم ولا على منوالهم، ولا يدين بما وقع في أذهانهم وأوهامهم وخيالهم، بل كان ممن يقدم أبا بكر وعمر، وذلك عنده صحيح في الأثر، وقال أيضا: ما أدركت أحدا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما . وقد روى عن غير واحد من الصحابة، وحدث عنه جماعة من كبار التابعين وغيرهم. فممن روى عنه ابنه جعفر الصادق، والحكم بن عتيبة، وربيعة، والأعمش، وأبو إسحاق السبيعي، والأوزاعي والأعرج، وهو أسن منه، وابن جريج وعطاء وعمرو بن دينار والزهري.

وقال سفيان بن عيينة عن جعفر الصادق قال: حدثني أبى وكان خير محمدي يومئذ على وجه الأرض، وقال العجليّ: هو مدني تابعي ثقة، وقال محمد بن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وكانت وفاته في هذه السنة في قول وقيل في التي قبلها، وقيل في التي بعدها أو في التي هي بعدها وبعد بعدها والله أعلم.

وقد جاوز السبعين وقيل لم يجاوز الستين فالله أعلم.

[فصل]

أبو جعفر محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب، كان أبوه على زين العابدين، وجده الحسين قتلا شهيدين بالعراق. وسمى الباقر لبقره العلوم واستنباطه الحكم، كان ذاكرا خاشعا صابرا وكان من سلالة النبوة، رفيع النسب عالى الحسب، وكان عارفا بالخطرات، كثير البكاء والعبرات معرضا عن الجدال والخصومات.


(١) زيادة من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>