للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في البلاد حتى أقدموه على المنصور ومعه ابنه وجماعة من أهله، فضرب المنصور عنقه وسير ابنه ومن معه إلى جزيرة في طرف اليمن، فأسرتهم الهنود بعد ذلك، ثم فودى بعضهم بعد ذلك. واستقر المهدي نائبا على خراسان، وأمره أبوه أن يغزو طبرستان، وأن يحارب الاصبهبذ بمن معه من الجنود وأمده بجيش عليهم عمر بن العلاء، وكان من أعلم الناس بحرب طبرستان، وهو الّذي يقول فيه الشاعر:

فقل للخليفة إن جئته … نصيحا ولا خير في المتهم

إذا أيقظتك حروب العدي … فنبه لها عمرا ثم نم

فتى لا ينام على دمنة … ولا يشرب الماء إلا بدم

فلما تواقفت الجيوش على طبرستان فتحوها وحصروا الأصبهبذ حتى ألجئوه إلى قلعته فصالحهم على ما فيها من الذخائر، وكتب المهدي إلى أبيه بذلك، ودخل الأصبهبذ بلاد الديلم فمات هناك. وكسروا أيضا ملك الترك الّذي يقال له المصمغان، وأسروا أمما من الذراري، فهذا فتح طبرستان الأول.

وفيها فرغ بناء المصيصة على يدي جبريل بن يحيى الخراساني، وفيها رابط محمد بن إبراهيم الامام ببلاد ملطية. وفيها عزل المنصور زياد بن عبيد الله عن إمرة الحجاز وولى المدينة محمد بن خالد القسري وقدمها في رجب. وولى مكة والطائف الهيثم بن معاوية العكي. وفيها توفى موسى بن كعب وهو على شرطة المنصور. وعلى مصر من كان عليها في السنة الماضية، ثم ولى مصر محمد بن الأشعث ثم عزله عنها وولى عليها نوفل بن الفرات. وحج بالناس فيها صالح بن على وهو نائب قنسرين وحمص ودمشق، وبقية البلاد عليها من ذكرنا في التي قبلها والله أعلم.

وفيها توفى أبان بن تغلب، وموسى بن عقبة، صاحب المغازي، وأبو إسحاق الشيباني في قول والله سبحانه أعلم.

[ثم دخلت سنة ثنتين وأربعين ومائة]

فيها خلع عيينة بن موسى بن كعب نائب السند الخليفة، فجهز إليه العساكر صحبة عمر بن حفص ابن أبى صفرة، وولاه السند والهند، فحاربه عمر بن حفص وقهره على الأرض وتسلمها منه. وفيها نكث أصبهبذ طبرستان العهد الّذي كان بينه وبين المسلمين، وقتل طائفة ممن كان بطبرستان، فجهز إليه الخليفة الجيوش صحبة خازم بن خزيمة، وروح بن حاتم، ومعهم مرزوق أبو الخصيب، مولى المنصور، فحاصروه مدة طويلة، فلما أعياهم فتح الحصن الّذي هو فيه احتالوا عليه، وذلك أن أبا الخصيب قال: اضربونى واحلقوا رأسي ولحيتي، ففعلوا ذلك، فذهب إليه كأنه مغاضب للمسلمين قد ضربوه وحلقوا لحيته، فدخل الحصن ففرح به الأصبهبذ وأكرمه وقربه، وجعل أبو الخصيب يظهر له النصح والخدمة حتى خدعه، وحظي عنده جدا وجعله من جملة من يتولى فتح الحصن وغلقه، فلما تمكن من ذلك كاتب المسلمين وأعلمهم أنه في الليلة الفلانية يفتح لهم، فاقتربوا من الباب حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>