للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ: قَالَ لِي حُمَيْدٌ: لَا تَأْخُذْ عَنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَكْذِبُ عَلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ. وَكَذَا قَالَ أَيُّوبُ وَعَوْفٌ وَابْنُ عَوْنٍ. وَقَالَ أَيُّوبُ: مَا كُنْتُ أَعُدُّ لَهُ عقلاء، وَقَالَ مَطَرٌ الْوَرَّاقُ: وَاللَّهِ لَا أُصَدِّقُهُ فِي شَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: إِنَّمَا تَرَكُوا حَدِيثَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَدْعُو إِلَى الْقَدَرِ. وَقَدْ ضَعَّفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ آخَرُونَ فِي عِبَادَتِهِ وَزُهْدِهِ وَتَقَشُّفِهِ. قَالَ الحسن البصري: هذا سيد شباب القراء مَا لَمْ يُحْدِثْ. قَالُوا: فَأَحْدَثَ وَاللَّهِ أَشَدَّ الْحَدَثِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَرَعِ وَالْعِبَادَةِ إِلَى أَنْ أَحْدَثَ مَا أَحْدَثَ وَاعْتَزَلَ مَجْلِسَ الْحَسَنِ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ فَسُمُّوا الْمُعْتَزِلَةَ، وَكَانَ يَشْتُمُ الصَّحَابَةَ وَيَكْذِبُ فِي الْحَدِيثِ، وَهْمًا لَا تَعَمُّدًا. وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنْ كَانَتْ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ في اللوح المحفوظ فما تعد منه عَلَى ابْنِ آدَمَ حُجَّةٌ. وَرُوِيَ لَهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ «إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» حَتَّى قَالَ: «فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ. رِزْقُهُ وَأَجَلُهُ، وَعَمَلُهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ» إِلَى آخِرِهِ. فَقَالَ: لَوْ سَمِعْتُ الْأَعْمَشَ يَرْوِيهِ لَكَذَّبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ من زيدين وَهْبٍ لَمَا أَحْبَبْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ مَسْعُودٍ لَمَا قَبِلْتُهُ، وَلَوْ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ، وَلَوْ سَمِعَتُ اللَّهَ يَقُولُ هَذَا لَقُلْتُ مَا عَلَى هَذَا أَخَذْتَ عَلَيْنَا الْمِيثَاقَ. وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْكُفْرِ، لَعَنَهُ اللَّهُ إِنْ كَانَ قَالَ هَذَا. وإذا كان مكذوبا عليه فعلى من كذبه عليه ما يستحقه وقد قال عبد الله ابن الْمُبَارَكِ رَحِمَهُ اللَّهُ:

أَيُّهَا الطَّالِبُ عِلْمًا ... ايتِ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ

فُخُذِ الْعِلْمَ بِحِلْمٍ ... ثُمَّ قيده بقيد

وذر البدعة من ... آثار عَمْرِو بْنِ عُبَيْدِ

وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ عمرو يَغُرُّ النَّاسَ بِتَقَشُّفِهِ، وَهُوَ مَذْمُومٌ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ جدا، معلن بالبدع. وقال الدار قطنى: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ: جَالَسَ الْحَسَنَ وَاشْتُهِرَ بِصُحْبَتِهِ ثُمَّ أَزَالَهُ [وَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَقَالَ بِالْقَدَرِ وَدَعَا إليه، واعتزل أصحاب الحديث، وَكَانَ لَهُ سَمْتٌ وَإِظْهَارُ زُهْدٍ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ] [١] وَوَاصِلُ بْنُ عَطَاءٍ وُلِدَا سَنَةَ ثَمَانِينَ، وحكى البخاري أن عمرا مَاتَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ بطريق مكة، وقد كان عمرو محظيا عند أبى جعفر المنصور، كان المنصور يحبه ويعظمه لأنه كان يفد على المنصور مع القراء فيعطيهم المنصور فيأخذون، ولا يأخذ عمرو منه شيئا، وكان يسأله أن يقبل كما يقبل أصحابه فلا يقبل منه، فكان ذلك مما يغر المنصور ويروج به عليه حاله، لأن المنصور كان بخيلا وكان يعجبه ذلك منه وينشد:

كُلُّكُمْ يَمْشِي رُوَيْدْ ... كُلُّكُمْ يَطْلُبُ صَيْدْ

غَيْرَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدْ

وَلَوْ تَبَصَّرَ الْمَنْصُورُ لَعَلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْقُرَّاءِ خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الْأَرْضِ مِثْلِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ،


[١] زيادة من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>