للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من محمد النبي رسول الله لأهل جرباء وأذرح، أنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد، وأن عليهم مائة دينار في كل رجب، ومائة أوقية طيبة وأن الله عليهم كفيل بالنصح والإحسان إلى المسلمين، ومن لجأ اليهم من المسلمين. قال وأعطى النبي أهل أيلة برده مع كتابه أمانا لهم، قال فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار.

[بعثه خالد بن الوليد الى أكيدر دومة]

قال ابن إسحاق: ثم إن رسول الله دعا خالد بن الوليد فبعثه الى أكيدر دومة، وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من بنى كنانة (١) كان ملكا عليها وكان نصرانيا،

وقال رسول الله لخالد «إنك ستجده يصيد البقر» فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته. وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط؟ قال لا والله، قالت فمن يترك هذا؟ قال لا أحد فنزل فامر بفرسه فأسرج له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم، فلما خرجوا تلقتهم خيل النبي فأخذته وقتلوا أخاه وكان عليه قباء من ديباج مخصوص بالذهب، فاستلبه خالد فبعث به الى رسول الله قبل قدومه عليه،

قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال: رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه فقال رسول الله : «أتعجبون من هذا [فو الّذي نفسي بيده] لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا».

قال ابن إسحاق: ثم إن خالد بن الوليد لما قدم بأكيدر على رسول الله حقن له دمه فصالحه على الجزية، ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته، فقال رجل من بنى طيِّئ يقال له بجير بن بجرة في ذلك:

تبارك سائق البقرات إني … رأيت الله يهدى كل هاد

فمن يك حائدا عن ذي تبوك … فانا قد أمرنا بالجهاد

وقد حكى البيهقي أن رسول الله قال لهذا الشاعر «لا يفضض الله فاك» فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن. وقد روى ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة أن رسول الله بعث خالدا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارسا إلى أكيدر دومة فذكر نحو ما تقدم إلا أنه ذكر أنه ما كره حتى أنزله من الحصن، وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله ثمانمائة من السبي، وألف بعير، وأربعمائة درع، وأربعمائة رمح، وذكر أنه لما سمع عظيم أيلة يحنة (٢)


(١) كذا في الأصلين والّذي في ابن هشام والتيمورية: رجل من كندة.
(٢) في الأصل يحنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>