للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اثنى عشر ألفا، أو ستة عشر ألفا. ولما ناظرهم ابن عباس رجع منهم أربعة آلاف وبقي بقيتهم على ما هم عليه، وقد رواه يعقوب بن سفيان عن موسى بن مسعود عن عكرمة بن عمار عن سماك أبى زميل عن ابن عباس فذكر القصة وأنهم عتبوا عليه في كونه حكم الرجال، وأنه محى اسمه من الإمرة، وأنه غزا يوم الجمل فقتل الأنفس الحرام ولم يقسم الأموال والسبي، فأجاب عن الأولين بما تقدم، وعن الثالث بما قال: قد كان في السبي أم المؤمنين فان قلتم ليست لكم بأم فقد كفرتم، وإن استحللتم سبى أمهاتكم فقد كفرتم. قال: فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فتقاتلوا. وذكر غيره أن ابن عباس لبس حلة لما دخل عليهم، فناظروه في لبسه إياها، فاحتج بقوله تعالى ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ الآية. وذكر ابن جرير أن عليا خرج بنفسه إلى بقيتهم فلم يزل يناظرهم حتى رجعوا معه إلى الكوفة وذلك يوم عيد الفطر أو الأضحى شك الراويّ في ذلك، ثم جعلوا يعرضون له في الكلام ويسمعونه شتما ويتأولون بتأويل في قوله.

قال الشافعيّ : قال رجل من الخوارج لعلى وهو في الصلاة ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ﴾ فقرأ على ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ﴾.

وقد ذكر ابن جرير أن هذا كان وعلى في الخطبة.

وذكر ابن جرير أيضا أن عليا بينما هو يخطب يوما إذ قام إليه رجل من الخوارج فقال: يا على أشركت في دين الله الرجال ولا حكم إلا لله، فتنادوا من كل جانب لا حكم إلا لله، لا حكم إلا لله، فجعل على يقول: هذه كلمة حق يراد بها باطل، ثم قال: إن لكم علينا أن لا نمنعكم فيئا ما دامت أيديكم معنا، وأن لا نمنعكم مساجد الله، وأن لا نبدأكم بالقتال حتى تبدءونا. ثم إنهم خرجوا بالكلية عن الكوفة وتحيزوا إلى النهروان على ما سنذكره بعد حكم الحكمين.

[صفة اجتماع الحكمين أبى موسى وعمرو بن العاص بدومة الجندل]

وذلك في شهر رمضان كما تشارطوا عليه وقت التحكيم بصفين، وقال الواقدي اجتمعوا في شعبان، وذلك أن عليا لما كان مجيء رمضان بعث أربعمائة فارس مع شريح بن هانئ، ومعهم أبو موسى، وعبد الله بن عباس، وإليه الصلاة وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة فارس من أهل الشام ومنهم عبد الله بن عمر، فتوافوا بدومة الجندل بأذرح - وهي نصف [المسافة] بين الكوفة والشام، بينها وبين كل من البلدين تسع مراحل - وشهد معهم جماعة من رءوس الناس، كعبد الله ابن عمر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي.

<<  <  ج: ص:  >  >>