للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبى على، قال الشيخ أبو على: قرأت كتاب هذا الملحد الجاهل السفيه ابن الراونديّ فلم أجد فيه إلا السفه والكذب والافتراء، قال: وقد وضع كتابا في قدم العالم ونفى الصانع وتصحيح مذهب الدهرية والرد على أهل التوحيد، ووضع كتابا في الرد على محمد رسول الله في سبعة عشر موضعا، ونسبه إلى الكذب - يعنى النبي وطعن على القرآن، ووضع كتابا لليهود والنصارى وفضل دينهم على المسلمين والإسلام، ويحتج لهم فيها على إبطال نبوة محمد ، إلى غير ذلك من الكتب التي تبين خروجه عن الإسلام. نقل ذلك ابن الجوزي عنه. وقد أورد ابن الجوزي في منتظمه طرفا من كلامه وزندقته وطعنه على الآيات والشريعة. ورد عليه في ذلك، وهو أقل وأخس وأذل من أن يلتفت إليه وإلى جهله وكلامه وهذيانه وسفهه وتمويهه. وقد أسند إليه حكايات من المسخرة والاستهتار والكفر والكبائر، منها ما هو صحيح عنه ومنها ما هو مفتعل عليه ممن هو مثله، وعلى طريقه ومسلكه في الكفر والتستر في المسخرة، يخرجونها في قوالب مسخرة وقلوبهم مشحونة بالكفر والزندقة، وهذا كثير موجود فيمن يدعى الإسلام وهو منافق، يتمسخرون بالرسول ودينه وكتابه، وهؤلاء ممن قال الله تعالى فيهم ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ﴾ الآية.

وقد كان أبو عيسى الوراق مصاحبا لابن الراونديّ قبحهما الله، فلما علم الناس بأمرهما طلب السلطان أبا عيسى فأودع السجن حتى مات. وأما ابن الراونديّ فهرب فلجأ إلى ابن لاوى اليهودي، وصنف له في مدة مقامه عنده كتابه الّذي سماه «الدامغ للقرآن» فلم يلبث بعده إلا أياما يسيرة حتى مات لعنه الله. ويقال: إنه أخذ وصلب. قال أبو الوفاء بن عقيل: ورأيت في كتاب محقق أنه عاش ستا وثلاثين سنة مع ما انتهى إليه من التوغل في المخازي في هذا العمر القصير لعنه الله وقبحه ولا رحم عظامه.

وقد ذكره ابن خلكان في الوفيات وقلس عليه ولم يخرجه بشيء، ولا كأن الكلب أكل له عجينا، على عادته في العلماء والشعراء، فالشعراء يطيل تراجمهم، والعلماء يذكر لهم ترجمة يسيرة، والزنادقة يترك ذكر زندقتهم. وأرخ ابن خلكان تاريخ وفاته في سنة خمس وأربعين ومائتين، وقد وهم وهما فاحشا، والصحيح أنه توفى في هذه السنة كما أرخه ابن الجوزي وغيره.

وفيها توفى.

[الجنيد بن محمد بن الجنيد]

أبو القاسم الخزاز، ويقال له القواريري، أصله من نهاوند، ولد ببغداد ونشأ بها. وسمع الحديث من الحسين بن عرفة. وتفقه بأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وكان يفتى بحضرته وعمره عشرون سنة، وقد ذكرناه في طبقات الشافعية، واشتهر بصحبة الحارث المحاسبي، وخاله سرى السقطي،

<<  <  ج: ص:  >  >>