إِسْحَاقُ بْنُ حُنَيْنِ بْنِ إِسْحَاقَ
أَبُو يَعْقُوبَ العبادي- نسبة إلى قبائل الجزيرة- الطبيب بن الطَّبِيبِ، لَهُ وَلِأَبِيهِ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي هَذَا الفن، وكان أبوه يعرب كلام إرسططاليس وَغَيْرِهِ مِنْ حُكَمَاءِ الْيُونَانِ. تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشِّيعِيُّ، الَّذِي أَقَامَ الدعوة للمهدي، وهو عبد اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ فَاطِمِيٌّ وَقَدْ زَعَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ أَنَّهُ كَانَ يَهُودِيًّا صَبَّاغًا بِسَلَمْيَةَ، وَالْمَقْصُودُ الْآنَ: أن أبا عبد الله الشيعي دخل بلاد إفريقية وحده فقيرا لا مال له وَلَا رِجَالَ، فَلَمْ يَزَلْ يَعْمَلُ الْحِيلَةَ حَتَّى انتزع الملك من يد أبى نصر زِيَادَةِ اللَّهِ، آخَرِ مُلُوكِ بَنِي الْأَغْلَبِ عَلَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَاسْتَدْعَى حِينَئِذٍ مَخْدُومَهُ الْمَهْدِيَّ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ، فَقَدِمَ فَلَمْ يَخْلُصْ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ شَدَائِدَ طِوَالٍ، وَحُبِسَ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فاستنقذه هذا الشيعي وسلمه من الهلكة، فَنَدَّمَهُ أَخُوهُ أَحْمَدُ وَقَالَ لَهُ: مَاذَا صَنَعْتَ؟ وَهَلَّا كُنْتَ اسْتَبْدَدْتَ بِالْأَمْرِ دُونَ هَذَا؟ فَنَدِمَ وَشَرَعَ يَعْمَلُ الْحِيلَةَ فِي الْمَهْدِيِّ، فَاسْتَشْعَرَ الْمَهْدِيُّ بِذَلِكَ فَدَسَّ إِلَيْهِمَا مَنْ قَتَلَهُمَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِمَدِينَةِ رَقَّادَةَ مِنْ بِلَادِ الْقَيْرَوَانِ، مِنْ إِقْلِيمِ إِفْرِيقِيَّةَ. هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ خلكان.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَتَيْنِ
قَالَ ابن الجوزي: وفيها ظهرت ثلاث كَوَاكِبَ مُذَنَّبَةٍ. أَحَدُهَا فِي رَمَضَانَ، وَاثْنَانِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ تَبْقَى أَيَّامًا ثُمَّ تَضْمَحِلُّ. وَفِيهَا وقع طاعون بأرض فارس مات فيه سَبْعَةُ آلَافِ إِنْسَانٍ. وَفِيهَا غَضِبَ الْخَلِيفَةُ عَلَى الْوَزِيرِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ وَعَزَلَهُ عَنِ الْوِزَارَةِ وَأَمَرَ بِنَهْبِ دَارِهِ فَنُهِبَتْ أَقْبَحَ نَهْبٍ، وَاسْتَوْزَرَ أَبَا عَلِيٍّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَاقَانَ، وَكَانَ قَدِ الْتَزَمَ لِأُمِّ وَلَدِ الْمُعْتَضِدِ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، حَتَّى سَعَتْ فِي وِلَايَتِهِ. وَفِيهَا وَرَدَتْ هَدَايَا كَثِيرَةٌ مِنَ الْأَقَالِيمِ مِنْ دِيَارِ مِصْرَ وَخُرَاسَانَ وَغَيْرِهَا، مِنْ ذَلِكَ خَمْسُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ مِنَ مصر اسْتُخْرِجَتْ مَنْ كَنْزٍ وُجِدَ هُنَاكَ مِنْ غَيْرِ موانع كما يدعيه كثير من جهلة العوام وغيرهم من ضعيفى الأحلام، مكرا وخديعة ليأكلوا أموال الطغام والعوام أهل الطمع والآثام، وَقَدْ وُجِدَ فِي هَذَا الْكَنْزِ ضِلْعُ إِنْسَانٍ طُولُهُ أَرْبَعَةُ أَشْبَارِ [١] وَعَرْضُهُ شِبْرٌ، وَذُكِرَ أَنَّهُ مِنْ قَوْمِ عَادٍ فاللَّه أَعْلَمُ. وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ هَدِيَّةِ مِصْرَ تَيْسٌ لَهُ ضَرْعٌ يَحْلُبُ لَبَنًا. وَمِنْ ذَلِكَ بِسَاطٌ أَرْسَلَهُ ابْنُ أَبِي السَّاجِ فِي جُمْلَةِ هَدَايَاهُ، طُولُهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا وَعَرْضُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، عُمِلَ فِي عَشْرِ سِنِينَ لَا قِيمَةَ لَهُ، وَهَدَايَا فَاخِرَةٌ أَرْسَلَهَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَحْمَدَ السَّامَانِيُّ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ كَثِيرَةٌ جِدًّا. وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا الْفَضْلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْعَبَّاسِيُّ أَمِيرُ الْحَجِيجِ مِنْ مدة طويلة.
وفيها توفى من الأعيان:
[١] في المصرية: طوله أربعة عشر شبرا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute