الحديث ومتنه جيدا محررا صحيحا، وقد نسب إلى التشيع كاستاذه ابن عقدة، وكان يسكن بباب البصرة عندهم، وقد سئل عنه الدار قطنى فقال: خلط. وقال أبو بكر البرقاني: صاحب غرائب، ومذهبه معروف في التشيع، وقد حكى عنه قلة دين وشرب خمر فالله أعلم. ولما احتضر أوصى أن تحرق كتبه فحرقت، وقد أحرق معها كتب كثيرة كانت عنده للناس، فبئس ما عمل. ولما أخرجت جنازته كانت سكينة نائحة الرافضة تنوح عليه في جنازته.
[ثم دخلت سنة ست وخمسين وثلاثمائة]
استهلت هذه السنة والخليفة المطيع لله، والسلطان معز الدولة بن بويه الديلميّ. وفيها عملت الروافض في يوم عاشوراء عزاء الحسين على عادة ما ابتدعوه من النوح وغيره كما تقدم.
وفاة معز الدولة بن بويه الّذي أظهر الرفض ونصر عليه
ولما كان ثالث عشر ربيع الأول منها توفى أبو الحسن أحمد بن بويه الديلميّ الّذي أظهر الرفض ويقال له معز الدولة، بعلة الذرب، فصار لا يثبت في معدته شيء بالكلية، فلما أحس بالموت أظهر التوبة وأناب إلى الله ﷿، ورد كثيرا من المظالم، وتصدق بكثير من ماله، وأعتق طائفة كثيرة من مماليكه، وعهد بالأمر إلى ولده بختيار عز الدولة، وقد اجتمع ببعض العلماء فكلمه في السنة وأخبره أن عليا زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب، فقال: والله ما سمعت بهذا قط، ورجع إلى السنة ومتابعتها، ولما حضر وقت الصلاة خرج عنه ذلك الرجل العالم فقال له معز الدولة: إلى أين تذهب؟ فقال: إلى الصلاة فقال له ألا تصلى هاهنا؟ قال: لا، قال: ولم؟ قال: لأن دارك مغصوبة. فاستحسن منه ذلك. وكان معز الدولة حليما كريما عاقلا، وكانت إحدى يديه مقطوعة، وهو أول من أجرى السعاة بين يديه ليبعث بأخباره إلى أخيه ركن الدولة سريعا إلى شيراز، وحظي عنده أهل هذه الصناعة وكان عنده في بغداد ساعيان ماهران، وهما فضل، وبرغوش، يتعصب لهذا عوام أهل السنة، ولهذا عوام أهل الشيعة، وجرت لهما مناصف ومواقف. ولما مات معز الدولة دفن بباب التبن في مقابر قريش، وجلس ابنه للعزاء. وأصاب الناس مطر ثلاثة أيام تباعا، وبعث عز الدولة إلى رءوس الأمراء في هذه الأيام بمال جزيل لئلا تجتمع الدولة على مخالفته قبل استحكام مبايعته، وهذا من دهائه، وكان عمر معز الدولة ثلاثا وخمسين سنة، ومدة ولايته إحدى وعشرين سنة وإحدى عشر شهرا ويومين، وقد كان نادى في أيامه برد المواريث إلى ذوى الأرحام قبل بيت المال وقد سمع بعض الناس ليلة توفى معز الدولة هاتفا يقول: