وهو إمام المسلمين باذن الرسول من رب العالمين، ولو فرض أنه كان قد انتدب معهم فقد استثناه الشارع من بينهم بالنص عليه للامامة في الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، ثم لما توفى ﵊ استطلق الصديق من اسامة عمر بن الخطاب فأذن له في المقام عند الصديق ونفذ الصديق جيش اسامة كما سيأتي بيانه وتفصيله في موضعه إن شاء الله.
فصل في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله ﷺ وكيف ابتدئ رسول الله ﷺ بمرضه الّذي مات فيه
قال الله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ وقال تعالى:
﴿وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ﴾. وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ … ﴿وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ﴾. وقال تعالى: ﴿وَما مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ اِنْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشّاكِرِينَ﴾. وهذه الآية هي التي تلاها الصديق يوم وفاة رسول الله ﷺ فلما سمعها الناس كأنهم لم يسمعوها قبل. وقال تعالى: ﴿إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاِسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوّاباً﴾. قال: عمر بن الخطاب وابن عباس هو أجل رسول الله نعى اليه. وقال ابن عمر نزلت أوسط أيام التشريق في حجة الوداع فعرف رسول الله أنه الوداع فخطب الناس خطبة أمرهم فيها ونهاهم، الخطبة المشهورة كما تقدم.
وقال جابر رأيت رسول الله يرمى الجمار فوقف. وقال: «لتأخذوا (١) عنى مناسككم فلعلي لا أحج بعد عامي هذا».
وقال ﵇ لابنته فاطمة كما سيأتي:«إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة وإنه عارضني به العام مرتين وما أرى ذلك إلا اقتراب أجلى». وفي صحيح البخاري من حديث أبى بكر بن عياش عن أبى حصين عن أبى صالح عن أبى هريرة. قال: كان رسول الله يعتكف في كل شهر رمضان عشرة أيام فلما كان من العام الّذي توفى فيه اعتكف عشرين يوما وكان يعرض عليه القرآن في كل رمضان، فلما كان العام الّذي توفى فيه عرض عليه القرآن مرتين. وقال محمد بن إسحاق رجع رسول الله ﷺ من حجة الوداع في ذي الحجة فأقام بالمدينة بقيته والمحرم وصفرا وبعث اسامة بن زيد فبينا الناس على ذلك ابتدئ رسول الله ﷺ بشكواه الّذي قبضه الله فيه الى ما أراده الله من رحمته