للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ فَسَمِعَهُ يَقُولُ «اجْلِسُوا» فَجَلَسَ مَكَانَهُ خَارِجًا من المسجد حتى فرغ الناس مِنْ خُطْبَتِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا عَلَى طَوَاعِيَةِ اللَّهِ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِهِ» وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صحيحه وقال ابن مُعَاذٌ اجْلِسْ بِنَا نُؤْمِنْ سَاعَةً. وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِنَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ عَنْ عِمَارَةَ عَنْ زِيَادٍ النحويّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ إِذَا لَقِيَ الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ بِرَبِّنَا سَاعَةً، فَقَالَ ذَاتَ يَوْمٍ لِرَجُلٍ فَغَضِبَ الرَّجُلُ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا تَرَى ابْنَ رَوَاحَةَ يَرْغَبُ عَنْ إِيمَانِكَ إِلَى إِيمَانِ سَاعَةٍ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلّم «رحم اللَّهُ ابْنَ رَوَاحَةَ إِنَّهُ يُحِبُّ الْمَجَالِسَ الَّتِي تَتَبَاهَى بِهَا الْمَلَائِكَةُ» وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ ثَنَا الْحَاكِمُ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ثَنَا شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ قَالَ لِصَاحِبٍ له: تعال حتى نؤمن ساعة، قال أو لسنا بِمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنَّا نَذْكُرُ اللَّهَ فَنَزْدَادُ إيمانا. وقد روى الحافظ أبو القاسم اللاكائي [١] مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ كَانَ يَأْخُذُ بِيَدِ الرَّجُلِ مِنْ أَصْحَابِهِ فَيَقُولُ: قُمْ بِنَا نُؤَمِّنْ سَاعَةً فَنَجْلِسُ فِي مَجْلِسِ ذِكْرٍ. وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ. وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ وَمَا فِينَا صَائِمٌ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَقَدْ كَانَ مِنْ شُعَرَاءِ الصَّحَابَةِ المشهورين، ومما نقله البخاري من شعره فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

وفينا رسول الله نتلو كِتَابَهُ ... إِذَا انْشَقَّ مَعْرُوفٌ مِنَ الْفَجْرِ سَاطِعُ

يَبِيتُ يُجَافِي جَنْبَهُ عَنْ فِرَاشِهِ ... إِذَا اسْتَثْقَلَتْ بِالْمُشْرِكِينَ الْمَضَاجِعُ

أَتَى بِالْهُدَى بَعْدَ الْعَمَى فَقُلُوبُنَا ... بِهِ مُوقِنَاتٌ أَنَّ مَا قَالَ وَاقِعُ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ عَامِرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي، وا جبلاه وا كذا وا كذا تُعَدِّدُ عَلَيْهِ فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا إِلَّا قِيلَ لِي أَنْتَ كَذَلِكَ؟ حَدَّثَنَا قتيبة ثنا خيثمة عَنْ حُصَيْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ، بِهَذَا. فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا رَثَاهُ بِهِ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَ غَيْرِهِ. وَقَالَ شَاعِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ رَجَعَ مِنْ مُؤْتَةَ مَعَ مَنْ رَجَعَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ:

كَفَى حَزَنًا أَنِّي رَجَعْتُ وَجَعْفَرٌ ... وَزَيْدٌ وَعَبْدُ اللَّهِ فِي رَمْسِ أَقْبُرِ


[١] كذا في الأصل وفي الحلبية: اللاكانى والمحفوظ: اللالكائي.

<<  <  ج: ص:  >  >>