أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيُّ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشِبَعِ بَطْنِي خبز لَا آكُلُ الْخَمِيرَ وَلَا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ وَلَا يَخْدُمُنِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ، وَكُنْتُ أُلْصِقُ بَطْنِي بِالْحَصْبَاءِ من الجوع، وإن كُنْتُ لَأَسْتَقْرِئُ الرَّجُلَ الْآيَةَ هِيَ مَعِي كَيْ يَنْقَلِبَ بِي فَيُطْعِمَنِي، وَكَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِلْمَسَاكِينِ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ يَنْقَلِبُ بِنَا فَيُطْعِمُنَا مَا كَانَ فِي بَيْتِهِ حَتَّى إِنْ كَانَ لَيُخْرِجُ إِلَيْنَا الْعُكَّةَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ فَنَشُقُّهَا فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا. تَفَرَّدَ بِهِ البخاري. وقال حسان ابن ثَابِتٍ يَرْثِي جَعْفَرًا:
وَلَقَدْ بَكَيْتُ وَعَزَّ مَهْلِكُ جَعْفَرٍ ... حِبِّ النَّبِيِّ عَلَى الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا
وَلَقَدْ جَزِعْتُ وَقُلْتُ حِينَ نُعِيتَ لِي ... مَنْ لِلْجِلَادِ لَدَى الْعُقَابِ وَظِلِّهَا
بِالْبِيضِ حِينَ تُسَلُّ مِنْ أَغْمَادِهَا ... ضَرْبًا وَإِنْهَالِ الرِّمَاحِ وَعَلِّهَا
بَعْدَ ابْنِ فَاطِمَةَ الْمُبَارَكِ جَعْفَرٍ ... خَيْرِ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا وَأَجَلِّهَا
رُزْءًا وَأَكْرَمِهَا جَمَيْعًا مَحْتِدًا ... وَأَعَزِّهَا مُتَظَلِّمًا وَأَذَلِّهَا
لِلْحَقِّ حِينَ يَنُوبُ غَيْرَ تَنَحُّلٍ ... كَذِبًا وَأَنْدَاهَا يَدًا وَأَقَلِّهَا
فُحْشًا وَأَكْثَرِهَا إِذَا مَا يُجْتَدَى ... فضلا وأنداها يدا وَأَبَلِّهَا
بِالْعُرْفِ غَيْرَ مُحَمَّدٍ لَا مِثْلُهُ ... حَيٌّ مِنَ احْيَاءِ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا
وَأَمَّا ابْنُ رَوَاحَةَ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الْأَكْبَرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْأَغَرِّ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو رَوَاحَةَ، وَيُقَالُ أَبُو عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ وَهُوَ خَالُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، أُخْتُهُ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ أَسْلَمَ قَدِيمًا وَشَهِدَ الْعَقَبَةَ وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ لَيْلَتَئِذٍ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَشَهِدَ بَدْرًا وأحدا والخندق والحديبيّة وخيبر وكان يبعثه عَلَى خَرْصِهَا كَمَا قَدَّمْنَا وَشَهِدَ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ وَدَخَلَ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ مُمْسِكٌ بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقيل بغزها- يَعْنِي الرِّكَابَ- وَهُوَ يَقُولُ
خَلُّوا بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
الْأَبْيَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَكَانَ أَحَدَ الْأُمَرَاءِ الشُّهَدَاءِ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَدْ شَجَّعَ الْمُسْلِمِينَ لِلِقَاءِ الرُّومِ حِينَ اشْتَوَرُوا فِي ذلك وشجع نفسه أيضا حتى نزل بعد ما قُتِلَ صَاحِبَاهُ، وَقَدْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّهَادَةِ فَهُوَ مِمَّنْ يُقْطَعُ لَهُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ. وَيُرْوَى أَنَّهُ لَمَّا أَنْشَدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِعْرَهُ حِينَ وَدَّعَهُ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ:
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حَسَنٍ ... تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَأَنْتَ فَثَبَّتَكَ اللَّهُ» قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: فَثَبَّتَهُ اللَّهُ حَتَّى قُتِلَ شَهِيدًا وَدَخَلَ الْجَنَّةَ. وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ أَتَى