للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدرى من عبده ممن لا يعبده». قال خالد: فانى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنك رسول الله.

فسر رسول الله بإسلامه، وتغيب خالد وعلم أبوه بإسلامه، فأرسل في طلبه فأتى به. فأنبه وضربه بمقرعة في يده حتى كسرها على رأسه. وقال: والله لأمنعنك القوت: فقال خالد إن منعتني فان الله يرزقني ما اعيش به، وانصرف إلى رسول الله فكان يكرمه ويكون معه.

[ذكر إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي ]

قال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني رجل ممن أسلم - وكان واعية - ان أبا جهل اعترض رسول الله عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ما يكره من العيب لدينه، فذكر ذلك لحمزة بن عبد المطلب، فاقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها ضربة شجه منها شجة منكرة، وقامت رجال من قريش من بنى مخزوم إلى حمزة لينصروا ابا جهل منه. وقالوا ما نراك يا حمزة إلا قد صبوت؟ قال حمزة ومن يمنعني وقد استبان لي منه ما اشهد أنه رسول الله وأنّ الّذي يقول حق، فو الله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فانى والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا، فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله قد عز وامتنع فكفوا عما كانوا يتناولون منه. وقال حمزة في ذلك شعرا (١).

قال ابن إسحاق: ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان فقال أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، للموت خير لك مما صنعت. فاقبل حمزة على نفسه وقال ما صنعت اللهمّ إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان، حتى أصبح فغدا على رسول الله . فقال: يا ابن أخى إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه، واقامة مثلي على ما لا أدرى ما هو أرشد أم هو غى شديد؟ فحدثني حديثا فقد اشتهيت يا ابن أخى أن تحدثني، فاقبل رسول الله فذكره ووعظه، وخوفه وبشره، فالقى الله في قلبه الايمان بما قال رسول الله . فقال: أشهد أنك الصادق شهادة الصدق، فأظهر يا ابن أخى دينك فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء، وأنى على ديني الأول. فكان حمزة ممن أعز الله به الدين. وهكذا رواه البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن احمد بن عبد الجبار عن يونس بن بكير به.


(١) لم يذكر المؤلف شعر حمزة وذكر السهيليّ في الروض الأنف قطعة له مطلعها:
حمدت الله حين هدى فؤادي … الى الإسلام والدين الحنيف.
إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>