المؤمنين كانوا إذا ذاك يستسرون بإسلامهم لا يطلع على أمرهم كثير أحد من قراباتهم دع الأجانب دع أهل البادية من الاعراب والله أعلم. وفي صحيح البخاري من طريق أبى أسامة عن هاشم بن هاشم عن سعيد بن المسيب قال سمعت سعد بن أبى وقاص يقول: ما أسلم أحد في اليوم الّذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام. أما قوله ما أسلم أحد في اليوم الّذي أسلمت فيه فسهل، ويروى إلا في اليوم الّذي أسلمت فيه وهو مشكل، إذ يقتضي أنه لم يسبقه أحد بالإسلام. وقد علم أن الصديق وعليا وخديجة وزيد بن حارثة أسلموا قبله، كما قد حكى الإجماع على تقدم إسلام هؤلاء غير واحد، منهم ابن الأثير. ونص أبو حنيفة ﵁ على أن كلا من هؤلاء أسلم قبل أبناء جنسه والله أعلم. وأما قوله ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام فمشكل وما أدرى على ماذا يوضع عليه إلا أن يكون أخبر بحسب ما علمه والله اعلم.
وقال أبو داود الطيالسي حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن عبد الله - وهو ابن مسعود - قال: كنت غلاما يافعا أرعى غنما لعقبة بن أبى معيط بمكة. فأتى عليّ رسول الله ﷺ وابو بكر - وقد فرا من المشركين - فقال - أو فقالا - عندك يا غلام لبن تسقينا؟ قلت إني مؤتمن، ولست بساقيكما فقال هل عندك من جذعة لم ينز عليها الفحل بعد؟ قلت نعم! فأتيتهما بها فاعتقلها أبو بكر وأخذ رسول الله ﷺ الضرع ودعا فحفل الضرع، وأتاه أبو بكر بصخرة متقعرة فحلب فيها ثم شرب هو وأبو بكر ثم سقياني ثم قال للضرع اقلص فقلص، فلما كان بعد أتيت رسول الله ﷺ فقلت علمني من هذا القول الطيب - يعنى القرآن - فقال:«إنك غلام معلم» فأخذت من فيه سبعين سورة ما ينازعني فيها أحد.
وهكذا رواه الامام أحمد عن عفان عن حماد بن سلمة به. ورواه الحسن بن عرفة عن أبى بكر بن عياش عن عاصم بن أبى النجودبه.
وقال البيهقي أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو عبد الله بن بطة الأصبهاني حدثنا الحسن بن الجهم حدثنا الحسين بن الفرج حدثنا محمد بن عمر حدثني جعفر ابن محمد بن خالد بن الزبير عن أبيه - أو عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان -. قال: كان إسلام خالد بن سعيد بن العاص قديما وكان أول اخوته أسلم. وكان بدء إسلامه أنه رأى في المنام أنه وقف به على شفير النار، فذكر من سعتها ما الله أعلم به. ويرى في النوم كأن آت أتاه يدفعه فيها ويرى رسول الله ﷺ آخذا بحقويه لا يقع، ففزع من نومه فقال احلف بالله ان هذه لرؤيا حق، فلقى ابا بكر بن ابى قحافة فذكر ذلك له، فقال أريد بك خير هذا رسول الله ﷺ فاتبعه فإنك ستتبعه وتدخل معه في الإسلام، والإسلام يحجزك ان تدخل فيها وأبوك واقع فيها فلقى رسول الله ﷺ وهو باجياد، فقال يا رسول الله يا محمد إلى ما تدعو؟ قال: «أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وتخلع ما أنت عليه من عبادة حجر لا يسمع، ولا يضر، ولا يبصر، ولا ينفع، ولا