للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فادعها إلى الله وادع الله لها عسى الله أن يستنقذها بك من النار. قال فدعا لها رسول الله ودعاها إلى الله فأسلمت، وأقاموا مع رسول الله في الدار شهرا وهم تسعة وثلاثون رجلا، وقد كان حمزة بن عبد المطلب أسلم يوم ضرب أبو بكر، ودعا رسول الله لعمر بن الخطاب - أو لأبى جهل بن هشام -

فأصبح عمر وكانت الدعوة يوم الأربعاء فأسلم عمر يوم الخميس، فكبر رسول الله وأهل البيت تكبيرة سمعت بأعلى مكة، وخرج أبو الأرقم - وهو أعمى كافر - وهو يقول:

اللهمّ اغفر لبني عبيد الأرقم فإنه كفر، فقام عمر فقال يا رسول الله على ما نخفي ديننا ونحن على الحق ويظهر دينهم وهم على الباطل؟ قال: «يا عمر إنا قليل قد رأيت ما لقينا» فقال عمر: فو الّذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا أظهرت فيه الايمان، ثم خرج فطاف بالبيت، ثم مر بقريش وهي تنتظره، فقال أبو جهل بن هشام: يزعم فلان أنك صبوت؟ فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. فوثب المشركون اليه، ووثب على عتبة فبرك عليه وجعل يضربه، وأدخل إصبعه في عينيه، فجعل عتبة يصيح فتنحى الناس فقام عمر، فجعل لا يدنو منه أحد إلا أخذ بشريف ممن دنا منه، حتى أعجز الناس. واتبع المجالس التي كان يجالس فيها فيظهر الايمان، ثم انصرف إلى النبي وهو ظاهر عليهم. قال ما عليك بابي وأمى والله ما بقي مجلس كنت أجلس فيه بالكفر الا أظهرت فيه الايمان غير هائب ولا خائف، فخرج رسول الله وخرج عمر أمامه وحمزة بن عبد المطلب حتى طاف بالبيت وصلّى الظهر مؤمنا، ثم انصرف الى دار الأرقم ومعه عمر، ثم انصرف عمر وحده، ثم انصرف النبي . والصحيح أن عمر إنما أسلم بعد خروج المهاجرين إلى أرض الحبشة وذلك في السنة السادسة من البعثة كما سيأتي في موضعه إن شاء الله. وقد استقصينا كيفية إسلام أبى بكر وعمر في كتاب سيرتهما على انفرادها، وبسطنا القول هنالك ولله الحمد.

وثبت في صحيح مسلم من حديث أبى أمامة عن عمرو ابن عبسة السلمي قال: أتيت رسول الله في أول ما بعث وهو بمكة، وهو حينئذ مستخفى، فقلت ما أنت؟ قال أنا نبي، فقلت وما النبي؟ قال رسول الله، قلت الله أرسلك؟ قال نعم قلت بما أرسلك؟ قال بان تعبد الله وحده لا شريك له وتكسر الأصنام، وتوصل الأرحام. قال قلت نعم ما أرسلك به فمن تبعك على هذا؟ قال حر وعبد - يعنى أبا بكر وبلالا - قال فكان عمرو يقول: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام. قال فأسلمت، قلت فاتبعك يا رسول الله، قال لا ولكن الحق بقومك، فإذا أخبرت أنى قد خرجت فاتبعنى. ويقال إن معنى قوله حر وعبد اسم جنس وتفسير ذلك بابي بكر وبلال فقط فيه نظر، فإنه قد كان جماعة قد أسلموا قبل عمرو بن عبسة وقد كان زيد بن حارثة أسلم قبل بلال أيضا فلعله أخبر أنه ربع الإسلام بحسب علمه فان

<<  <  ج: ص:  >  >>