للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي شعبان منها خلع على يونس الخادم وأمر بالمسير الى طرسوس لأجل غزو الروم. وفيها أَمَرَ الْمُقْتَدِرُ بِأَنْ لَا يُسْتَخْدَمَ أَحَدٌ مِنَ اليهود والنصارى في الدواوين، وألزموا بلزومهم بيوتهم، وأن يلبسوا المساحي ويضعوا بين أكتافهم رقاعا لِيُعْرَفُوا بِهَا، وَأَلْزِمُوا بِالذُّلِّ حَيْثُ كَانُوا. وَحَجَّ بالناس فيها الفضل ابن عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيُّ، وَرَجَعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ من قلة الماء بالطريق وفيها توفى مِنَ الْأَعْيَانِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي عَتَّابٍ أَبُو بَكْرٍ الْبَغْدَادِيُّ الْحَافِظُ، وَيُعَرَفُ بِأَخِي مَيْمُونٍ. رَوَى عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيِّ وَغَيْرِهِ، وَرَوَى عَنْهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَكَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ أَنْ يُحَدِّثَ وَإِنَّمَا يُسْمَعُ مِنْهُ في المذاكرة.

تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ مِنْهَا.

أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ

أحمد بن محمد بن هاني الطَّائِيُّ الْأَثْرَمُ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، سَمِعَ عَفَّانَ وَأَبَا الْوَلِيدِ وَالْقَعْنَبِيَّ وَأَبَا نُعَيْمٍ وَخَلْقًا كَثِيرًا، وكان حافظا صَادِقًا قَوِيَّ الذَّاكِرَةِ، كَانَ ابْنُ مَعِينٍ يَقُولُ عَنْهُ: كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ جِنِّيًّا لِسُرْعَةِ فَهْمِهِ وحفظه، وَلَهُ كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ فِي الْعِلَلِ وَالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَكَانَ مِنْ بُحُورِ الْعِلْمِ

خَلَفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى

أَبُو مُحَمَّدٍ العكبريّ، سمع الحديث وكان ظريفا وكان لَهُ ثَلَاثُونَ خَاتَمًا وَثَلَاثُونَ عُكَّازًا، يَلْبَسُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنَ الشَّهْرِ خَاتَمًا وَيَأْخُذُ فِي يَدِهِ عُكَّازًا، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ ذَلِكَ فِي الشَّهْرِ الثَّانِي، وَكَانَ لَهُ سَوْطٌ مُعَلَّقٌ فِي مَنْزِلِهِ، فإذا سئل عن ذلك قال: لِيَرْهَبَ الْعِيَالُ مِنْهُ

ابْنُ الْمُعْتَزِّ الشَّاعِرُ الَّذِي بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ باللَّه مُحَمَّدِ بْنِ الْمُتَوَكِّلِ عَلَى اللَّهِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُعْتَصِمِ باللَّه محمد بن الرشيد يكنى أبو العباس الهاشمي العباسي، كان شاعرا مطيقا فصيحا بليغا مطبقا، وَقُرَيْشٌ قَادَةُ النَّاسِ فِي الْخَيْرِ وَدَفْعِ الشَّرِّ. وَقَدْ سَمِعَ الْمُبَرِّدَ وَثَعْلَبًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنَ الْحَكَمِ وَالْآدَابِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، فَمِنْ ذَلِكَ قوله: أنفاس الحي خطايا. أَهْلُ الدُّنْيَا رَكْبٌ يُسَارُ بِهِمْ وَهُمْ نِيَامٌ، رُبَّمَا أَوْرَدَ الطَّمَعُ وَلَمْ يُصْدِرْ، رُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رِيِّهِ، مَنْ تَجَاوَزَ الْكَفَافَ لم يغنه الإكثار، كلما عظم قدر المتنافس فِيهِ عَظُمَتِ الْفَجِيعَةُ بِهِ، مَنِ ارْتَحَلَهُ الْحِرْصُ أضناه الطلب. وروى انضاه الطلب أي أضعفه، والأول معناه أمرضه. الحرص نقص مِنْ قَدْرِ الْإِنْسَانِ وَلَا يَزِيدُ فِي حَظِّهِ شيئا، أَشْقَى النَّاسِ أَقْرَبُهُمْ مِنَ السُّلْطَانِ، كَمَا أَنَّ أقرب الأشياء إلى النار أقربها حريفا. مَنْ شَارَكَ السُّلْطَانَ فِي عِزِّ الدُّنْيَا شَارَكَهُ فِي ذُلِّ الْآخِرَةِ، يَكْفِيكَ مِنَ الْحَاسِدِ أَنَّهُ يَغْتَمُّ وَقْتَ سُرُورِكَ. الْفُرْصَةُ سَرِيعَةُ الْفَوْتِ بَعِيدَةُ العود، الأسرار إذا كثرت خزانها ازدادت ضياعا، العزل نصحك من تيه الولاة. الْجَزَعُ أَتَعَبُ مِنَ الصَّبْرِ، لَا تَشِنْ وَجْهَ العفو بالتقريع، تركة الميت عز للورثة وذل له. إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ وَحِكَمِهِ. وَمِنْ شعره مما يناسب المعنى قوله: -

<<  <  ج: ص:  >  >>