للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بايع حتى يؤتى به إلى في جامعة (١) من ذهب أو من فضة تحت برنسه، فلا ترى إلا أنه يسمع صوتها، وكان ابن الزبير قد منع الحارث بن خالد المخزومي من أن يصلى بأهل مكة، وكان نائب عمرو بن سعيد عليها، فحينئذ صمم عمرو على تجهيز سرية إلى مكة بسبب ابن الزبير، فاستشار عمرو بن سعيد عمرو ابن الزبير: من يصلح أن نبعثه إلى مكة لأجل قتاله؟ فقال له عمرو بن الزبير: إنك لا تبعث إليه من هو أنكى له منى، فعينه على تلك السرية وجعل على مقدمته أنيس بن عمرو الأسلمي في سبعمائة مقاتل. وقال الواقدي: إنما عينهما يزيد بن معاوية نفسه، وبعث بذلك إلى عمرو بن سعيد، فعسكر أنيس بالجرف وأشار مروان بن الحكم على عمرو بن سعيد أن لا يغزو مكة وأن يترك ابن الزبير بها، فإنه عما قليل إن لم يقتل يمت، فقال أخوه عمرو بن الزبير: والله لنغزونه ولو في جوف الكعبة على رغم أنف من رغم. فقال مروان: والله إن ذلك ليسرني. فسار أنيس واتبعه عمرو بن الزبير في بقية الجيش - وكانوا ألفين - حتى نزل بالأبطح، وقيل بداره عند الصفا، ونزل أنيس بذي طوى، فكان عمرو بن الزبير يصلى بالناس، ويصلى وراءه أخوه عبد الله بن الزبير، وأرسل عمرو إلى أخيه يقول له: بريمين الخليفة، وأته وفي عنقك جامعة من ذهب أو فضة، ولا تدع الناس يضرب بعضهم بعضا، واتّق الله فإنك في بلد حرام. فأرسل عبد الله يقول لأخيه: موعدك المسجد. وبعث عبد الله ابن الزبير عبد الله بن صفوان بن أمية في سرية فاقتتلوا مع عمرو بن أنيس الأسلمي فهزموا أنيسا هزيمة قبيحة، وتفرق عن عمرو بن الزبير أصحابه وهرب عمرو إلى دار ابن علقمة، فأجاره أخوه عبيدة بن الزبير، فلامه أخوه عبد الله بن الزبير وقال: تجير من في عنقه حقوق الناس؟ ثم ضربه بكل من ضربه بالمدينة إلا المنذر بن الزبير وابنه فإنهما أبيا أن يستقيدا من عمرو، وسجنه ومعه عارم، فسمى سجن عارم، وقد قيل إن عمرو بن الزبير مات تحت السياط والله أعلم.

[قصة الحسين بن على بن أبى طالب وسبب خروجه بأهله من مكة إلى العراق في طلب الامارة وكيفية مقتله ]

ولنبدأ قبل ذلك بشيء من ترجمته ثم نتبع الجميع بذكر مناقبه وفضائله.

هو الحسين بن على بن أبى طالب بن عبد المطلب بن هاشم أبو عبد الله القرشي الهاشمي، السبط الشهيد بكربلاء ابن بنت رسول الله فاطمة الزهراء، وريحانته من الدنيا، ولد بعد أخيه الحسن، وكان مولد الحسن في سنة ثلاث من الهجرة، وقال بعضهم: إنما كان بينهما طهر واحد ومدة الحمل، وولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع. وقال قتادة: ولد الحسين لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين، وله


(١) الجامعة الغل بضم الغين. وهو ما يوضع في اليد أو العنق.

<<  <  ج: ص:  >  >>