أربع وخمسون سنة وستة أشهر ونصف، ﵁. وروى عن النبي ﷺ أنه حنكه وتفل في فيه ودعا له وسماه حسينا، وقد كان سماه أبوه قبل ذلك حربا، وقيل جعفرا، وقيل: إنما سماه يوم سابعه وعق عنه. وقال جماعة عن إسرائيل عن أبى إسحاق عن هانئ بن هانئ عن على ﵁ قال: الحسن أشبه برسول الله ﷺ ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه به ما بين أسفل من ذلك، وقال الزبير بن بكار: حدثني محمد بن الضحاك الحزامي. قال: كان وجه الحسن يشبه وجه رسول الله ﷺ، وكان جسد الحسين يشبه جسد رسول الله ﷺ. وروى محمد بن سيرين وأخته حفصة، عن أنس. قال: كنت عند ابن زياد فجيء برأس الحسين فجعل يقول بقضيب في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسنا، فقلت له: إنه كان من أشبههم برسول الله ﷺ. وقال سفيان: قلت لعبيد الله بن أبى زياد: رأيت الحسين؟ قال: نعم أسود الرأس واللحية إلا شعرات هاهنا في مقدم لحيته، فلا أدرى أخضب وترك ذلك المكان تشبها برسول الله ﷺ، أو لم يكن شاب منه غير ذلك؟ وقال ابن جريج: سمعت عمر بن عطاء قال: رأيت الحسين بن على يصبغ بالوشمة، أما هو فكان ابن ستين سنة، وكان رأسه ولحيته شديدي السواد، فأما الحديث الّذي
روى من طريقين ضعيفين أن فاطمة سألت رسول الله ﷺ في مرض الموت أن ينحل ولديها شيئا فقال:
«أما الحسن فله هيبتي وسؤددي، وأما الحسين فله جرأتى وجودي» فليس بصحيح، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب المعتبرة، وقد أدرك الحسين من حياة النبي ﷺ خمس سنين أو نحوها، وروى عنه أحاديث، وقال مسلم بن الحجاج له رؤية من النبي ﷺ، وقد روى صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه أنه قال في الحسن بن على: إنه تابعي ثقة، وهذا غريب فلأن يقول في الحسين إنه تابعي بطريق الأولى.
وسنذكر ما كان رسول الله ﷺ يكرمهما به، وما كان يظهر من محبتهما والحنو عليهما.
والمقصود أن الحسين عاصر رسول الله ﷺ وصحبه إلى أن توفى وهو عنه راض، ولكنه كان صغيراً.
ثم كان الصديق يكرمه ويعظمه، وكذلك عمر وعثمان، وصحب أباه وروى عنه، وكان معه في مغازيه كلها، في الجمل وصفين، وكان معظما موقرا، ولم يزل في طاعة أبيه حتى قتل، فلما آلت الخلافة إلى أخيه وأراد أن يصالح شق ذلك عليه ولم يسدد رأى أخيه في ذلك، بل حثه على قتال أهل الشام، فقال له أخوه: والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك. فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم، فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراماً زائداً، ويقول لهما: مرحبا وأهلا، ويعطيهما عطاء جزيلا، وقد أطلق لهما في يوم واحد مائتي ألف،