للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بنفسه فقال «قد نهيتك عن حب يهود» فقال: قد أبغضهم أسعد بن زرارة فما نفعه؟ ثم قال يا رسول الله ليس هذا الحين عتاب هو الموت فاحضر غسلي وأعطنى قميصك الّذي يلي جلدك فكفني فيه وصل على واستغفر لي، ففعل ذلك به رسول الله . وروى البيهقي من حديث سالم بن عجلان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوا مما ذكره الواقدي فالله أعلم.

وقد قال إسحاق بن راهويه: قلت لأبي أسامة أحدثكم عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: لما توفى عبد الله بن أبىّ ابن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله وسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه فأعطاه، ثم سأله أن يصلى عليه فقام رسول الله يصلى عليه فقام عمر بن الخطاب فاخذ بثوبه فقال: يا رسول الله تصلى عليه وقد نهاك الله عنه، فقال رسول الله «إن ربى خيرنى فقال ﴿اِسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ﴾ وسأزيد على السبعين» فقال إنه منافق أتصلي عليه؟ فانزل الله ﷿ ﴿وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ﴾ فأقر به أبو أسامة وقال نعم! وأخرجاه في الصحيحين من حديث أبى أسامة، وفي رواية للبخاريّ وغيره قال عمر: فقلت يا رسول الله تصلى عليه وقد قال في يوم كذا كذا، وقال في يوم كذا كذا وكذا!! فقال «دعني يا عمر فانى بين خيرتين، ولو أعلم أنى إن زدت على السبعين غفر له لزدت» ثم صلى عليه فأنزل الله ﷿ ﴿وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ﴾ الآية.

قال عمر: فعجبت من جرأتى على رسول الله والله ورسوله أعلم. وقال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول: أنى رسول الله قبر عبد الله بن أبىّ بعد ما أدخل حفرته فامر به فاخرج فوضعه على ركبتيه - أو فخذيه - ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه فالله أعلم.

وفي صحيح البخاري بهذا الاسناد مثله وعنده إنه إنما ألبسه قميصه مكافأة لما كان كسى العباس قميصا حين قدم المدينة فلم يجدوا قميصا يصلح له إلا قميص عبد الله بن أبىّ. وقد ذكر البيهقي ها هنا قصة ثعلبة بن حاطب وكيف افتتن بكثرة المال ومنعه الصدقة، وقد حررنا ذلك في التفسير عند قوله تعالى ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ﴾ الآية.

[فصل]

قال ابن إسحاق: وكانت غزوة تبوك آخر غزوة غزاها رسول الله . وقال حسان بن ثابت يعدد أيام الأنصار مع رسول الله ويذكر مواطنهم معه في أيام غزوة، قال ابن هشام وتروى لابنه عبد الرحمن بن حسان:

ألست خير معد كلها نفرا … ومعشرا إن هموا عموا وإن حصلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>