للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبير، وبينهما الخاتون زوجة إبل سنان حاسرة عن وجهها، وقرئ التقليد هناك والحالة كذلك، وحين ذكر اسم هولاكو نثر الذهب والفضة فوق رءوس الناس، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ٢: ١٥٦، قَبَّحَ اللَّهُ ذَلِكَ الْقَاضِيَ وَالْأَمِيرَ وَالزَّوْجَةَ وَالسُّلْطَانَ. وَذَكَرَ أَبُو شَامَةَ أن ابن الزكي اسْتَحْوَذَ عَلَى مَدَارِسَ كَثِيرَةٍ فِي مُدَّتِهِ هَذِهِ الْقَصِيرَةِ، فَإِنَّهُ عُزِلَ قَبْلَ رَأْسِ الْحَوْلِ، فَأَخَذَ في هذه المدة الْعَذْرَاوِيَّةَ وَالسُّلْطَانِيَّةَ وَالْفَلَكِيَّةَ وَالرُّكْنِيَّةَ وَالْقَيْمُرِيَّةَ وَالْعَزِيزِيَّةَ مَعَ الْمَدْرَسَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَتَا بِيَدِهِ التَّقَوِيَّةِ وَالْعَزِيزِيَّةِ، وَأَخَذَ لِوَلَدِهِ عِيسَى تَدْرِيسَ الْأَمِينِيَّةِ وَمَشْيَخَةِ الشُّيُوخِ، وَأَخَذَ أَمَّ الصَّالِحِ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ الْعِمَادُ الْمِصْرِيُّ، وأخذ الشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ لِصَاحِبٍ لَهُ، وَاسْتَنَابَ أَخَاهُ لِأُمِّهِ شِهَابَ الدِّينِ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَسْعَدَ بْنِ حُبَيْشٍ فِي الْقَضَاءِ وَوَلَّاهُ الرَّوَاحِيَّةَ وَالشَّامِيَّةَ الْبَرَّانِيَّةَ. قَالَ أَبُو شَامَةَ: مَعَ أَنَّ شَرْطَ وَاقِفِهَا أَنْ لَا يُجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا. وَلَمَّا رَجَعَتِ دمشق وغيرها إلى المسلمين، سعى في القضاء وبذل أموالا ليستمر فيه وفيما بيديه من المدارس، فَلَمْ يَسْتَمِرَّ بَلْ عُزِلَ بِالْقَاضِي نَجْمِ الدِّينِ أَبِي بَكْرِ بْنِ صَدْرِ الدِّينِ بْنِ سَنِيِّ الدَّوْلَةِ، فَقُرِئَ تَوْقِيعُهُ بِالْقَضَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ عند الشباك الْكَمَالِيِّ مِنْ مَشْهَدِ عُثْمَانَ مِنْ جَامِعِ دِمَشْقَ. وَلَمَّا كَسَرَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ قُطُزُ عَسَاكِرَ التَّتَارِ بِعَيْنِ جَالُوتَ سَاقَ وَرَاءَهُمْ وَدَخَلَ دِمَشْقَ فِي أبهة عظيمة وفرح به الناس فَرَحًا شَدِيدًا وَدَعَوْا لَهُ دُعَاءً كَثِيرًا، وَأَقَرَّ صاحب حمص الملك الأشرف عليها، وكذلك المنصور صاحب حماه، واسترد حلب من يد هولاكو، وَعَادَ الْحَقُّ إِلَى نِصَابِهِ وَمَهَّدَ الْقَوَاعِدَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَمِيرَ رُكْنَ الدِّينِ بيبرس البندقداري ليطرد التتار عن حلب ويتسلمها وَوَعَدَهُ بِنِيَابَتِهَا، فَلَمَّا طَرَدَهُمْ عَنْهَا وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا وَتَسَلَّمَهَا الْمُسْلِمُونَ اسْتَنَابَ عَلَيْهَا غَيْرَهُ وَهُوَ عَلَاءُ الدِّينِ ابْنُ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ الْوَحْشَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا وَاقْتَضَتْ قَتْلَ الْمَلِكِ المظفر قطز سريعا، وللَّه الأمر من قبل ومن بعد. فلما فرغ المظفر من الشام عزم على الرجوع إلى مصر واستناب عَلَى دِمَشْقَ الْأَمِيرَ عَلَمَ الدِّينِ سَنْجَرَ الْحَلَبِيَّ الكبير والأمير مجير الدين ابن الحسين بن آقشتمر، وعزل القاضي ابن الزكي عن قضاء دمشق، وولى ابن سنى الدولة ثم رجع إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ فِي خِدْمَتِهِ، وَعُيُونُ الْأَعْيَانِ تَنْظُرُ إِلَيْهِ شَزْرًا مِنْ شِدَّةِ هيبته

[ذكر سلطنة الملك الظاهر بيبرس البندقداري]

وهو الأسد الضاري، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ الْمَلِكَ الْمُظَفَّرَ قُطُزَ لَمَّا عاد قاصدا مصر، وصل إلى ما بين الغزالي وَالصَّالِحِيَّةِ، عَدَا عَلَيْهِ الْأُمَرَاءُ فَقَتَلُوهُ هُنَالِكَ، وَقَدْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا كَثِيرَ الصَّلَاةِ فِي الْجَمَاعَةِ، ولا يتعاطى المسكر وَلَا شَيْئًا مِمَّا يَتَعَاطَاهُ الْمُلُوكُ، وَكَانَتْ مُدَّةُ مُلْكِهِ مِنْ حِينَ عَزَلَ ابْنَ أُسْتَاذِهِ الْمَنْصُورَ عَلِيَّ بْنَ الْمُعِزِّ التُّرْكُمَانِيَّ إِلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَهِيَ أَوَاخِرُ ذِي الْقَعْدَةِ نَحْوًا مِنْ سَنَةٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَجَزَاهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرًا. وَكَانَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بِيبَرْسُ الْبُنْدُقْدَارِيُّ قَدِ اتَّفَقَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>