للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَايَاتٍ مَعَ حَكِيمِ بْنِ جَبَلَةَ الْعَبْدِيِّ، وَبِشْرِ بْنِ شُرَيْحِ بْنِ ضُبَيْعَةَ الْقَيْسِيِّ، وَذُرَيْحِ بْنِ عباد العبديّ، وَعَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ، وَأَهْلُ مِصْرَ مُصِرُّونَ عَلَى وِلَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ عَازِمُونَ عَلَى تَأْمِيرِ الزُّبَيْرِ، وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ مُصَمِّمُونَ عَلَى تَوْلِيَةِ طَلْحَةَ، لَا تَشُكُّ كُلُّ فِرْقَةٍ أَنَّ أَمْرَهَا سَيَتِمُّ، فَسَارَ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْ بَلَدِهِمْ حَتَّى تَوَافَوْا حَوْلَ الْمَدِينَةِ، كَمَا تَوَاعَدُوا فِي كُتُبِهِمْ، فِي شَهْرِ شَوَّالٍ فَنَزَلَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِذِي خُشُبٍ، وَطَائِفَةٌ بِالْأَعْوَصِ، وَالْجُمْهُورُ بِذِي الْمَرْوَةِ، وَهُمْ عَلَى وَجَلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَبَعَثُوا قُصَّادًا وَعُيُونًا بَيْنَ أيديهم ليخبروا الناس أَنَّهُمْ إِنَّمَا جَاءُوا لِلْحَجِّ لَا لِغَيْرِهِ، وَلِيَسْتَعْفُوا هَذَا الْوَالِي مِنْ بَعْضِ عُمَّالِهِ، مَا جِئْنَا إلا لذلك، واستأذنوا للدخول، فَكُلُّ النَّاسِ أَبَى دُخُولَهُمْ وَنَهَى عَنْهُ، فَتَجَاسَرُوا وَاقْتَرَبُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ إِلَى عَلِيٍّ وَهُوَ فِي عَسْكَرٍ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ، عَلَيْهِ حُلَّةُ أَفْوَافٍ، مُعْتَمٌّ بِشَقِيقَةٍ حَمْرَاءَ يَمَانِيَةٍ، مُتَقَلِّدًا السَّيْفَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَقَدْ أرسل ابنه الحسن الى عثمان فيمن اجْتَمَعَ إِلَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ الْمِصْرِيُّونَ فَصَاحَ بِهِمْ وطردهم، وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ الصَّالِحُونَ أَنَّ جَيْشَ ذِي الْمَرْوَةِ وَذِي خُشُبٍ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَارْجِعُوا لَا صَبَّحَكُمُ اللَّهُ، قَالُوا: نَعَمْ! وَانْصَرَفُوا مِنْ عِنْدِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَتَى الْبَصْرِيُّونَ طَلْحَةَ وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى إِلَى جَنْبِ عَلِيٍّ- وَقَدْ أَرْسَلَ ابْنَيْهِ إلى عثمان- فسلموا عليه فصاح بهم وطردهم وَقَالَ لَهُمْ كَمَا قَالَ عَلِيٌّ لِأَهْلِ مِصْرَ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَدُّ الزُّبَيْرِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ. فَرَجَعَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ إِلَى قَوْمِهِمْ، وَأَظْهَرُوا لِلنَّاسِ أَنَّهُمْ رَاجِعُونَ إِلَى بُلْدَانِهِمْ، وَسَارُوا أَيَّامًا رَاجِعِينَ، ثُمَّ كَرُّوا عَائِدِينَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَمَا كَانَ غَيْرَ قَلِيلٍ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ التَّكْبِيرَ، وَإِذَا الْقَوْمُ قَدْ زَحَفُوا عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَحَاطُوا بِهَا، وَجُمْهُورُهُمْ عِنْدَ دَارِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَقَالُوا لِلنَّاسِ: مَنْ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ، فَكَفَّ النَّاسُ وَلَزِمُوا بُيُوتَهُمْ، وَأَقَامَ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ أَيَّامًا. هَذَا كُلُّهُ وَلَا يَدْرِي النَّاسُ مَا الْقَوْمُ صَانِعُونَ وَلَا عَلَى مَا هُمْ عَازِمُونَ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ يَخْرُجُ مِنْ دَارِهِ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَيُصَلِّي وَرَاءَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَأُولَئِكَ الْآخَرُونَ، وَذَهَبَ الصَّحَابَةُ إِلَى هَؤُلَاءِ يُؤَنِّبُونَهُمْ وَيَعْذِلُونَهُمْ عَلَى رُجُوعِهِمْ، حَتَّى قَالَ عَلِيٌّ لِأَهْلِ مِصْرَ: مَا رَدُّكُمْ بَعْدَ ذَهَابِكُمْ وَرُجُوعِكُمْ عَنْ رَأْيِكُمْ؟ فَقَالُوا: وجدنا مع بريد كتابا بقتلنا إذا دخلنا مصر وَكَذَلِكَ قَالَ الْبَصْرِيُّونَ لِطَلْحَةَ، وَالْكُوفِيُّونَ لِلزُّبَيْرِ. وَقَالَ أهل كل مصر: إنما جئنا للنصر أَصْحَابَنَا. فَقَالَ لَهُمُ الصَّحَابَةُ: كَيْفَ عَلِمْتُمْ بِذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِكُمْ، وَقَدِ افْتَرَقْتُمْ وَصَارَ بَيْنَكُمْ مَرَاحِلُ؟ إِنَّمَا هَذَا أَمْرٌ اتَّفَقْتُمْ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: ضَعُوهُ عَلَى مَا أَرَدْتُمْ، لَا حَاجَةَ لَنَا فِي هَذَا الرَّجُلِ، لِيَعْتَزِلْنَا وَنَحْنُ نَعْتَزِلُهُ- يَعْنُونَ أَنَّهُ إِنْ نَزَلَ عَنِ الْخِلَافَةِ تَرَكُوهُ آمِنًا- وَكَانَ الْمِصْرِيُّونَ فِيمَا ذُكِرَ، لَمَّا رَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ وَجَدُوا فِي الطَّرِيقِ بَرِيدًا يَسِيرُ، فَأَخَذُوهُ فَفَتَّشُوهُ، فإذا معه في إداوة كتابا عَلَى لِسَانِ عُثْمَانَ فِيهِ الْأَمْرُ بِقَتْلِ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، وَبِصَلْبِ آخَرِينَ، وَبِقَطْعِ أَيْدِي آخَرِينَ مِنْهُمْ وَأَرْجُلِهِمْ، وَكَانَ عَلَى الْكِتَابِ طَابَعٌ بِخَاتَمِ عُثْمَانَ، والبريد أحد غلمان عثمان وعلى جمله، فَلَمَّا رَجَعُوا جَاءُوا بِالْكِتَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>