سحيم عن نافع عن ابن جبير - دخل حديث بعضهم في بعض - قالوا: كان رسول الله ﷺ يكون مع أمه آمنة بنت وهب، فلما توفيت قبضه اليه جده عبد المطلب وضمه ورق عليه رقة لم يرقها على ولده، وكان يقربه منه ويدنيه ويدخل عليه إذا خلا وإذا نام. وكان يجلس على فراشه فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك دعوا ابني إنه يؤسس ملكا.
وقال قوم من بنى مدلج لعبد المطلب احتفظ به فانا لم نر قدما أشبه بالقدم الّذي في المقام منه. فقال عبد المطلب لأبى طالب: اسمع ما يقول هؤلاء! فكان أبو طالب يحتفظ به. وقال عبد المطلب لأم أيمن - وكانت تحضنه - يا بركة لا تغفلي عن ابني فانى وجدته مع غلمان قريب من السدرة، وإن أهل الكتاب يزعمون أن ابني نبي هذه الأمة. وكان عبد المطلب لا يأكل طعاما إلا يقول على بابني فيؤتى به اليه.
فلما حضرت عبد المطلب الوفاة أوصى أبا طالب بحفظ رسول الله ﷺ وحياطته ثم مات عبد المطلب ودفن بالحجون.
وقال ابن إسحاق: فلما بلغ رسول الله ﷺ ثمان سنين هلك جده عبد المطلب بن هاشم. ثم ذكر جمعه بناته وأمره إياهن أن يرثينه. وهن، أروى وأميمة، وبرة، وصفية، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء وذكر أشعارهن وما قلن في رثاء أبيهن وهو يسمع قبل موته وهذا أبلغ النوح. وبسط القول في ذلك وقد قال ابن هشام ولم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرف هذا الشعر.
قال ابن إسحاق: فلما هلك عبد المطلب بن هاشم ولى السقاية وزمزم بعده ابنه العباس، وهو من أحدث إخوته سنا فلم تزل اليه حتى قام الإسلام وأقرها في يده رسول الله ﷺ. وكان رسول الله ﷺ بعد جده عبد المطلب مع عمه أبى طالب لوصية عبد المطلب له به، ولأنه كان شقيق أبيه عبد الله أمهما فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم. قال فكان أبو طالب هو الّذي يلي أمر رسول الله ﷺ وكان اليه ومعه. وقال الواقدي: أخبرنا معمر عن ابن نجيح عن مجاهد. وحدثنا معاذ بن محمد الأنصاري عن عطاء عن ابن عباس. وحدثنا محمد بن صالح وعبد الله بن جعفر وإبراهيم بن إسماعيل بن أبى حبيبة - دخل حديث بعضهم في حديث بعض - قالوا: لما توفى عبد المطلب قبض أبو طالب رسول الله ﷺ فكان يكون معه، وكان أبو طالب لا مال له وكان يحبه حبا شديدا لا يحبه ولده، وكان لا ينام إلا إلى جنبه، ويخرج فيخرج معه. وصب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها بشيء قط. وكان يخصه بالطعام وكان إذا أكل عيال أبى طالب جميعا أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله ﷺ شبعوا. فكان إذا أراد أن يغديهم قال كما أنتم حتى يأتى ولدى. فيأتى رسول الله ﷺ فيأكل معهم فكانوا يفضلون من طعامهم وإن لم يكن منهم لم يشبعوا فيقول أبو طالب إنك