للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متقلدي سيوفهم، قال وكأنى انظر إلى رسول الله على راحلته وأبو بكر ردفه، وملأ بنى النجار حوله حتى ألقى بفناء أبى أيوب، قال فكان يصلى حيث أدركته الصلاة، ويصلى في مرابض الغنم، قال ثم إنه أمر ببناء المسجد، فأرسل إلى ملأ بنى النجار فجاءوا فقال «يا بنى النجار ثامنونى بحائطكم هذا» فقالوا لا والله لا نطلب ثمنه إلا إلى الله ﷿، قال فكان فيه ما أقول لكم، كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فامر رسول الله بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع. قال فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادتيه حجارة، قال فجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون، ورسول الله معهم يقول (١) «اللهمّ إنه لا خير إلا خير الآخرة، فانصر الأنصار والمهاجرة» وقد رواه البخاري في مواضع أخر ومسلم من حديث أبى عبد الصمد وعبد الوارث بن سعيد. وقد تقدم في صحيح البخاري عن الزهري عن عروة أن المسجد الّذي كان مربدا - وهو بيدر التمر - ليتيمين كانا في حجر أسعد بن زرارة وهما سهل وسهيل، فساومهما فيه رسول الله فقالا: بل تهبه لك يا رسول الله فأبى حتى ابتاعه منهما وبناه مسجدا. قال وجعل رسول الله يقول وهو ينقل معهم التراب:

هذا الحمال لاحمال خيبر … هذا أبر ربنا وأطهر

ويقول:

لا هم إن الأجر أجر الآخرة … فارحم الأنصار والمهاجرة

وذكر موسى بن عقبة أن أسعد بن زرارة عوضهما منه نخلا له في بياضة، قال وقيل ابتاعه منهما رسول الله .

قلت: وذكر محمد بن إسحاق أن المربد كان لغلامين يتيمين في حجر معاذ بن عفراء وهما سهل وسهيل ابنا عمرو فالله أعلم.

وروى البيهقي من طريق أبى بكر بن أبى الدنيا حدثنا الحسن بن حماد الضبيّ ثنا عبد الرحيم ابن سليمان عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن. قال: لما بنى رسول الله المسجد أعانه عليه أصحابه وهو معهم يتناول اللبن حتى اغبر صدره، فقال «ابنوه عريشا كعريش موسى» فقلت للحسن:

ما عريش موسى؟ قال إذا رفع يديه بلغ العريش - يعين السقف - وهذا مرسل.

وروى من حديث حماد بن سلمة عن أبى سنان عن يعلى بن شداد بن أوس عن عبادة أن الأنصار جمعوا مالا فأتوا به النبي فقالوا: يا رسول الله ابن هذا المسجد وزينه، إلى متى نصلي تحت هذا الجريد؟ فقال:

«ما بى رغبة عن أخى موسى، عريش كعريش موسى» وهذا حديث غريب من هذا الوجه. وقال


(١) وفي البخاري ورسول الله معهم يقولون إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>