فِيهَا مَاتَ صَاحِبُ الْمَغْرِبِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ على التومرتي، وخلفه في الملك من بعده ابنه يوسف وحمل أباه إلى مراكش على صِفَةِ أَنَّهُ مَرِيضٌ، فَلَمَّا وَصَلَهَا أَظْهَرَ مَوْتَهُ فعزاه الناس وبايعوه على الملك من بعد أبيه، وَلَقَّبُوهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ هَذَا حَازِمًا شُجَاعًا، جَوَادًا مُعَظِّمًا لِلشَّرِيعَةِ، وَكَانَ مَنْ لَا يُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي زَمَانِهِ يقتل، وكان إذا أذن المؤذن وقبل الأذان يزدحم الخلق في المساجد، وكان حسن الصلاة ذا طمأنينة فيها، كثير الخشوع، وَلَكِنْ كَانَ سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ، حَتَّى عَلَى الذَّنْبِ الصغير، فأمره إلى الله يحكم فيه بما يشاء. وفيها قتل سيف الدين محمد بن علاء الدين الغزى، قَتَلَهُ الْغُزُّ، وَكَانَ عَادِلًا. وَفِيهَا كَبَسَتِ الْفِرِنْجُ نُورَ الدِّينِ وَجَيْشَهُ فَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَنَهَضَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ فَرَكِبَ فَرَسَهُ وَالشِّبْحَةُ فِي رِجْلِهِ فَنَزَلَ رَجُلٌ كردى فقطعها فسار نور الدين فنجا، وأدركت الفرنج ذلك الْكُرْدِيَّ فَقَتَلُوهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَأَحْسَنَ نُورُ الدِّينِ إِلَى ذُرِّيَّتِهِ، وَكَانَ لَا يَنْسَى ذَلِكَ لَهُ. وَفِيهَا أَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِإِجْلَاءِ بَنِي أَسَدٍ عَنِ الْحِلَّةِ وَقَتَلَ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ لِإِفْسَادِهِمْ وَمُكَاتَبَتِهِمُ السُّلْطَانَ مُحَمَّدَ شَاهْ، وَتَحْرِيضِهِمْ لَهُ عَلَى حِصَارِ بَغْدَادَ، فَقَتَلَ مِنْ بَنِي أَسَدٍ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، وَخَرَجَ الْبَاقُونَ مِنْهَا، وَتَسَلَّمَ نُوَّابُ الْخَلِيفَةِ الحلة. وحج بالناس فيها الأمير برغش الكبير.