للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما قدم مآب من أرض البلقاء وبها يومئذ العماليق وهم ولد عملاق ويقال ولد عمليق بن لاوذ بن سام ابن نوح رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا. فقال: لهم ألا تعطوني منها صنما فاسير به الى أرض العرب فيعبدونه. فأعطوه صنما يقال له هبل فقدم به مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه.

قال ابن إسحاق: ويزعمون أن أول ما كانت عبادة الحجارة في بنى إسماعيل أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن منهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلاد الا حمل معه حجرا من حجارة الحرم تعظيما للحرم، فحيث ما نزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك بهم إلى أن كانوا يعبدون ما استحسنوا من الحجارة وأعجبهم حتى خلفت الخلوف ونسوا ما كانوا عليه.

وفي الصحيح عن أبى رجاء العطاردي. قال: كنا في الجاهلية إذا لم نجد حجرا جمعنا حثية من التراب وجئنا بالشاة فحلبناها عليه ثم طفنا بها.

قال ابن إسحاق: واستبدلوا بدين إبراهيم وإسماعيل غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة وهدى البدن والإهلال بالحج والعمرة مع إدخالهم فيه ما ليس منه. فكانت كنانة وقريش إذا هلوا قالوا: لبيك اللهمّ لبيك.

لبيك لا شريك لك، الا شريكا هو لك، تملكه وما ملك. فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده. يقول الله تعالى لمحمد : ﴿وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ﴾ أي ما يوحدونني لمعرفة حقي الا جعلوا معى شريكا من خلقي.

وقد ذكر السهيليّ وغيره: أن أول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحي وأن إبليس تبدي له في صورة شيخ فجعل يلقنه ذلك فيسمع منه ويقول كما يقول واتبعه العرب في ذلك.

وثبت

في الصحيح أن رسول الله كان إذا سمعهم يقولون لبيك لا شريك لك يقول: قد قد أي حسب حسب. وقد

قال البخاري ثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبى حفص عن أبى هريرة عن النبي . قال: إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام، أبو خزاعة عمرو ابن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار. تفرد به احمد من هذا الوجه. وهذا يقتضي أن عمرو بن لحي هو أبو خزاعة الّذي تنسب اليه القبيلة بكمالها كما زعمه بعضهم من أهل النسب فيما حكاه ابن إسحاق وغيره ولو تركنا مجرد هذا لكان ظاهرا في ذلك بل كالنص ولكن قد جاء ما يخالفه من بعض الوجوه فقال البخاري وقال أبو اليمان: أخبرنا شعيب عن الزهري. قال سمعت سعيد بن المسيب قال: البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس - والسائبة - التي كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يحمل عليها

<<  <  ج: ص:  >  >>