للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم فابعث في مملكتك كلها فلا يبقى يهودي الا ضربت عنقه، فتستريح من هذا الهم. فإنهم في ذلك من رأيهم يديرونه بينهم إذ أتاهم رسول صاحب بصرى برجل من العرب قد وقع اليهم، فقال:

أيها الملك إن هذا الرجل من العرب من أهل الشاء والإبل يحدثك عن حدث كان ببلاده فاسأله عنه، فلما انتهى اليه قال لترجمانه: سله ما هذا الخبر الّذي كان في بلاده؟ فسأله فقال: هو رجل من العرب من قريش خرج يزعم أنه نبي وقد اتبعه أقوام وخالفه آخرون، وقد كانت بينهم ملاحم في مواطن فخرجت من بلادي وهم على ذلك. فلما أخبره الخبر قال جردوه فإذا هو مختتن فقال هذا والله الّذي قد أريت لا ما تقولون، أعطه ثوبه، انطلق لشأنك. ثم إنه دعا صاحب شرطته فقال له قلب لي الشام ظهرا لبطن حتى تأتى برجل من قوم هذا أسأله عن شأنه، قال أبو سفيان فو الله إني وأصحابى لبغزة إذ هجم علينا فسألنا ممن أنتم؟ فأخبرناه فساقنا اليه جميعا فلما انتهينا اليه قال أبو سفيان: فو الله ما رأيت من رجل قط أزعم أنه كان أدهى من ذلك الأغلف - يريد هرقل - قال فلما انتهينا اليه قال أيكم أمس به رحما؟ فقلت أنا، قال أدنوه منى، قال فأجلسني بين يديه ثم أمر أصحابى فأجلسهم خلفي وقال: إن كذب فردوا عليه، قال أبو سفيان فلقد عرفت أنى لو كذبت ما ردوا على ولكنى كنت امرأ سيدا أتكرم وأستحى من الكذب وعرفت أن أدنى ما يكون في ذلك أن يرووه عنى ثم يتحدثونه عنى بمكة فلم أكذبه، فقال أخبرنى عن هذا الرجل الّذي خرج فيكم، فزهدت له شأنه وصغرت له أمره، فقلت سلني عما بدا لك؟ قال كيف نسبه فيكم؟ فقلت محضا من أوسطنا نسبا، قال فأخبرني هل كان من أهل بيته أحد يقول مثل قوله فهو يتشبه به؟ فقلت لا قال فأخبرني هل له ملك فاسلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوه عليه؟ فقلت لا قال فأخبرني عن اتباعه من هم؟ فقلت الأحداث والضعفاء والمساكين فاما أشرافهم وذوو الأنساب منهم فلا، قال فأخبرني عمن صحبه أيحبه ويكرمه أم يقليه ويفارقه؟ قلت ما صحبه رجل ففارقه قال فأخبرني عن الحرب بينكم وبينه؟ فقلت سجال يدال علينا وندال عليه. قال فأخبرني هل يغدر فلم أجد شيئا أغره به إلا هي قلت لا ونحن منه في مدة ولا نأمن غدره فيها. فو الله ما التفت اليها منى قال فأعاد على الحديث، قال: زعمت أنه من أمحضكم نسبا وكذلك يأخذ الله النبي لا يأخذه الا من أوسط قومه، وسألتك هل كان من أهل بيته أحد يقول مثل قوله فهو يتشبه به فقلت لا، وسألتك هل كان له ملك فاسلبتموه إياه فجاء بهذا الحديث لتردوا عليه ملكه فقلت لا، وسألتك عن اتباعه فزعمت أنهم الاحداث والمساكين والضعفاء وكذلك أتباع الأنبياء في كل زمان، وسألتك عمن يتبعه أيحبه ويكرمه أم يقليه ويفارقه فزعمت أنه قل من يصحبه فيفارقه وكذلك حلاوة الايمان لا تدخل قلبا فتخرج منه، وسألتك كيف الحرب بينكم وبينه فزعمت أنها سجال يدال عليكم وتدالون عليه وكذلك يكون حرب الأنبياء

<<  <  ج: ص:  >  >>