للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهم تكون العاقبة، وسألتك هل يغدر فزعمت أنه لا يغدر فلئن كنت صدقتني ليغلبن على ما تحت قدمي هاتين ولوددت أنى عنده فأغسل عن قدميه، ثم قال الحق بشأنك قال فقمت وأنا أضرب إحدى يدي على الأخرى وأقول: يا عباد الله لقد أمر [أمر ابن أبى كبشة، وأصبح ملوك بنى الأصفر يخافونه في سلطانهم.

قال ابن إسحاق: وحدثني] (١) الزهري قال حدثني أسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قال: قدم دحية بن خليفة على هرقل بكتاب رسول الله فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله الى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى أما بعد فأسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فان أبيت فان إثم الا كاريين عليك. قال فلما انتهى اليه كتابه وقرأه أخذه فجعله بين فخذه وخاصرته ثم كتب الى رجل من أهل رومية كان يقرأ من العبرانية ما يقرأ يخبره عما جاء من رسول الله فكتب اليه إنه النبي الّذي ينتظر لا شك فيه فاتبعه، فأمر بعظماء الروم فجمعوا له في دسكرة ملكه ثم امر بها فاشرحت (٢) عليهم واطلع عليهم من علية له وهو منهم خائف فقال: يا معشر الروم إنه قد جاءني كتاب احمد وإنه والله النبي الّذي كنا ننتظر ومجمل ذكره في كتابنا نعرفه بعلاماته وزمانه فأسلموا واتبعوه تسلم لكم دنياكم وآخرتكم فنخروا نخرة رجل واحد وابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها مغلقة دونهم، فخافهم وقال ردوهم على فردوهم عليه فقال لهم يا معشر الروم إني إنما قلت لكم هذه المقالة أختبركم بها لأنظر كيف صلابتكم في دينكم؟ فلقد رأيت منكم ما سرني فوقعوا له سجدا ثم فتحت لهم أبواب الدسكرة فخرجوا. وقد روى البخاري قصة أبى سفيان مع هرقل بزيادات أخر أحببنا أن نوردها بسندها وحروفها من الصحيح ليعلم ما بين السياقين من التباين وما فيهما من الفوائد. قال البخاري قبل الايمان من صحيحه حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا شعيب عن الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان أخبره أن هرقل أرسل اليه في ركب من قريش وكانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش، فأتوه وهم بايلياء فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا بالترجمان فقال: أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الّذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسبا، قال أدنوه منى وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه قل لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فان كذبني فكذبوه، فو الله لولا أن يؤثروا عنى كذبا لكذبت عنه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال كيف نسبه فيكم؟ قلت هو فينا ذو نسب قال فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت لا قال فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت لا قال فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قلت بل ضعفاؤهم قال أيزيدون أم ينقصون؟ قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه


(١) ما بين المربعين سقط من نسخة حلب.
(٢) كذا بالأصل ولعلها: فأسرجت عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>