وقال أحمد: حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال: استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة على الشام وعزل خالد بن الوليد، فقال خالد: بعث إليكم أمين هذه الأمة، [سمعت رسول الله ﷺ يقول «أمين هذه الأمة](١) أبو عبيدة بن الجراح» فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله ﷺ: يقول «خالد سيف من سيوف الله نعم فتى العشيرة» وقد أورده ابن عساكر من حديث عبد الله بن أبى أوفى، وأبى هريرة، ومن طرق مرسلة يقوى بعضها بعضا. وفي الصحيح «وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا وقد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله» وشهد الفتح وشهد حنينا وغزا بنى جذيمة أميرا في حياته ﵇. واختلف في شهوده خيبر [وقد دخل مكة أميرا على طائفة من الجيش وقتل خلقا كثيرا من قريش، كما قدمنا ذلك مبسوطا في موضعه، ولله الحمد والمنة. وبعثه رسول الله ﷺ إلى العزى - وكانت لهوازن - فكسر قمتها أولا ثم دعثرها وجعل يقول: يا عزى كفرانك لا سبحانك * إني رأيت الله قد أهانك. ثم حرقها](٢) وقد استعمله الصديق بعد رسول الله ﷺ على قتال أهل الردة ومانعي الزكاة، فشفى واشتفى. ثم وجهه إلى العراق ثم أتى الشام فكانت له من المقامات ما ذكرناها مما تقربها القلوب والعيون، وتتشنف بها الأسماع. ثم عزله عمر عنها وولى أبا عبيدة وأبقاه مستشارا في الحرب، ولم يزل بالشام حتى مات على فراشه ﵁.
وقد روى الواقدي عن عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه قال: لما حضرت خالدا الوفاة بكى ثم قال: لقد حضرت كذا وكذا زحفا، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفى كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء. وقال أبو يعلى: ثنا شريح بن يونس ثنا يحيى بن زكريا عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس. قال: قال خالد بن الوليد: ما ليلة يهدى إلى فيها عروس، أو أبشر فيها بغلام بأحب إلى من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو. وقال أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن خيثمة قال: أتى خالد برجل معه زق خمر فقال: اللهمّ اجعله عسلا، فصار عسلا. وله طرق، وفي بعضها مر عليه رجل معه زق خمر فقال له خالد: ما هذا؟ فقال: عسل فقال: اللهمّ اجعله خلا، فلما رجع إلى أصحابه قال: جئتكم بخمر لم يشرب العرب مثله، ثم فتحه فإذا هو خل، فقال أصابته والله دعوة خالد ﵁. وقال حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس. قال: لقي خالد عدوا له فولى عنه المسلمون منهزمين وثبت هو وأخو البراء بن مالك، وكنت بينهما واقفا، قال: فنكس خالد رأسه ساعة إلى الأرض ثم رفع رأسه إلى السماء ساعة - قال: وكذلك كان يفعل إذا أصابه مثل هذا -، ثم