للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخلع عليه عمرو بن الليث أيضا وأهدى إليه عمودين من ذهب، وذلك مضافا إلى ما كان يليه أخوه من البلدان. وفيها سار اغرتمش إلى قتال على بن أبان المهلبي بتستر فأخذ من كان في السجن من أصحاب على بن أبان المهلبي من الأمراء فقتلهم عن آخرهم، ثم سار إلى على بن أبان فاقتتلا قتالا شديدا في مرات عديدة، كان آخرها لعلى بن أبان المهلبي، قتل خلقا كثيرا من أصحاب اغرتمش وأسر بعضهم فقتلهم أيضا، وبعث برءوسهم إلى صاحب الزنج فنصبت رءوسهم على باب مدينته قبحه الله.

وفيها وثب أهل حمص على عاملهم عيسى الكرخي فقتلوه في شوال منها، وفيها دعا الحسن بن محمد ابن جعفر بن عبد الله بن حسين الأصغر العقيلي أهل طبرستان إلى نفسه وأظهر لهم أن الحسين بن زيد أسر ولم يبق من يقوم بهذا الأمر غيره، فبايعوه. فلما بلغ ذلك الحسين بن زيد قصده فقاتله فقتله ونهب أمواله وأموال من اتبعه وأحرق دورهم. وفيها وقعت فتنة بالمدينة ونواحيها بين الجعفرية والعلوية [وتغلب عليها رجل من أهل البيت من سلالة الحسن بن زيد الّذي تغلب على طبرستان، وجرت شرور كثيرة هنالك بسبب قتل الجعفرية والعلوية] (١) يطول ذكرها. وفيها وثبت طائفة من الأعراب على كسوة الكعبة فانتهبوها، وسار بعضهم إلى صاحب الزنج [وأصاب الحجيج منهم شدة وبلاء شديد وأمور كريهة. وفيها أغارت الروم أيضا على ديار ربيعة. وفيها دخل أصحاب صاحب الزنج إلى رامهرمز فافتتحوها بعد قتال طويل] (٢) وفيها دخل ابن أبى الساج مكة فقاتله المخزومي فقهره ابن أبى الساج وحرق داره واستباح ماله، وذلك يوم التروية في هذه السنة. ثم جعلت إمرة الحرمين إلى ابن أبى الساج من جهة الخليفة. وحج بالناس فيها هارون بن محمد المتقدم ذكره قبلها. وفيها عمل محمد بن عبد الرحمن الداخل إلى بلاد المغرب - وهو خليفة بلاد الأندلس وبلاد المغرب - مراكب في نهر قرطبة ليدخل بها إلى البحر المحيط ولتسير الجيوش في أطرافه إلى بعض البلاد ليقاتلوهم، فلما دخلت المراكب البحر المحيط تكسرت وتقطعت ولم ينج من أهلها إلا اليسير بل غرق أكثرهم. وفيها التقى أسطول المسلمين وأسطول الروم ببلاد صقلّيّة فاقتتلوا فقتل من المسلمين خلق كثير ف ﴿إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ﴾. وفيها حارب لؤلؤ غلام ابن طولون لموسى بن اتامش فكسره لؤلؤ وأسره وبعث به إلى مولاه أحمد بن طولون، وهو إذا ذاك نائب الشام ومصر وإفريقية من جهة الخليفة، ثم اقتتل لؤلؤ هذا وطائفة من الروم فقتل من الروم خلقا كثيرا. قال ابن الأثير:

وفيها اشتد الحال وضاق الناس ذرعا بكثرة الهياج والفتن وتغلب القواد والأجناد على كثير من البلاد بسبب ضعف منصب الخلافة واشتغال أخيه أبى أحمد بقتال الزنج. وفيها اشتد الحر في تشرين الثاني جدا ثم قوى به البرد حتى جمد الماء.


(١) زيادة من المصرية ومن نسخة أخرى بالأستانة
(٢) سقط من المصرية.

<<  <  ج: ص:  >  >>