للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آزَاذَ، فَقُلْتُ: يَا ابْنَةَ عَمِّي قَدْ عَرَفْتِ بَلَاءَ هَذَا الرَّجُلِ عِنْدَ قَوْمِكِ، قَتَلَ زَوْجَكِ، وَطَأْطَأَ فِي قَوْمِكِ الْقَتْلَ، وَفَضَحَ النِّسَاءَ، فَهَلْ عندك ممالأة عليه؟ قالت: على أي أمر، قُلْتُ إِخْرَاجِهِ، قَالَتْ: أَوْ قَتْلِهِ، قُلْتُ: أَوْ قَتْلِهِ، قَالَتْ: نَعَمْ، وَاللَّهِ مَا خَلْقَ اللَّهُ شَخْصًا هُوَ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْهُ، فَمَا يَقُومُ للَّه عَلَى حَقٍّ وَلَا يَنْتَهِي لَهُ عَنْ حرمة، فإذا عزمتم أخبرونى أعلمكم بِمَا فِي هَذَا الْأَمْرِ، قَالَ فَأَخْرُجُ فَإِذَا فيروز وداذويه، ينتظر انى يُرِيدُونَ أَنْ يُنَاهِضُوهُ، فَمَا اسْتَقَرَّ اجْتِمَاعُهُ بِهِمَا حَتَّى بَعَثَ إِلَيْهِ الْأَسْوَدُ فَدَخَلَ فِي عَشَرَةٍ من قومه، فقال: أَلَمْ أُخْبِرْكَ بِالْحَقِّ وَتُخْبِرْنِي بِالْكِذَابَةِ؟ إِنَّهُ يَقُولُ: يَا سَوْآهْ يَا سَوْآهْ، إِنْ لَمْ تَقْطَعْ مِنْ قَيْسٍ يَدَهُ يَقْطَعْ رَقَبَتَكَ الْعُلْيَا، حَتَّى ظَنَّ قَيْسٌ أَنَّهُ قَاتِلُهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ، أَنْ أَهْلِكَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَتْلِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ مَوْتَاتٍ أُمُوتُهَا كُلَّ يَوْمٍ، فَرَقَّ لَهُ وَأَمَرَهُ بِالِانْصِرَافِ، فَخَرَجَ إِلَى أصحابه فقال: اعْمَلُوا عَمَلَكُمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ وُقُوفٌ بِالْبَابِ يَشْتَوِرُونَ، إِذْ خَرَجَ الْأَسْوَدُ عَلَيْهِمْ وَقَدْ جَمَعَ لَهُ مِائَةً مَا بَيْنَ بَقَرَةٍ وَبَعِيرٍ، فَقَامَ وَخَطَّ خَطًّا وَأُقِيمَتْ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَامَ دُونَهَا، فَنَحَرَهَا، غير محبسة ولا معقلة، مَا يَقْتَحِمُ الْخَطَّ مِنْهَا شَيْءٌ، فَجَالَتْ إِلَى أَنْ زَهَقَتْ أَرْوَاحُهَا، قَالَ قَيْسٌ: فَمَا رَأَيْتُ أَمْرًا كَانَ أَفْظَعَ مِنْهُ، وَلَا يَوْمًا أَوْحَشَ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ الْأَسْوَدُ: أَحَقٌّ مَا بَلَغَنِي عَنْكَ يَا فَيْرُوزُ؟ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْحَرَكَ فألحقك بهذه البهيمة، وأبدى لَهُ الْحَرْبَةَ، فَقَالَ لَهُ فَيْرُوزُ: اخْتَرْتَنَا لِصِهْرِكَ، وَفَضَّلْتَنَا عَلَى الْأَبْنَاءِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَبِيًّا مَا بِعْنَا نَصِيبَنَا مِنْكَ بِشَيْءٍ، فَكَيْفَ وَقَدِ اجْتَمَعَ لَنَا بِكَ أَمْرُ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا؟ فَلَا تَقْبَلْ عَلَيْنَا أَمْثَالَ مَا يَبْلُغُكَ، فَإِنَّا بِحَيْثُ تُحِبُّ، فَرَضِيَ عَنْهُ وَأَمَرَهُ بِقَسْمِ لُحُومِ تِلْكَ الْأَنْعَامِ فَفَرَّقَهَا فَيْرُوزُ فِي أَهْلِ صَنْعَاءَ، ثُمَّ أَسْرَعَ اللِّحَاقَ بِهِ، فَإِذَا رَجُلٌ يُحَرِّضُهُ عَلَى فيروز ويسعى إليه فيه، واستمع لَهُ فَيْرُوزُ، فَإِذَا الْأَسْوَدُ يَقُولُ: أَنَا قَاتِلُهُ غَدًا وَأَصْحَابِهِ، فَاغْدُ عَلَيَّ بِهِ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا فَيْرُوزُ، فَقَالَ: مَهْ، فَأَخْبَرَهُ فَيْرُوزُ بِمَا صَنَعَ مِنْ قَسْمِ ذَلِكَ اللَّحْمِ، فَدَخَلَ الْأَسْوَدُ دَارَهُ، وَرَجَعَ فَيْرُوزُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا سَمِعَ وَبِمَا قَالَ وَقِيلَ لَهُ، فَاجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ على أن عاودوا الْمَرْأَةَ فِي أَمْرِهِ، فَدَخَلَ أَحَدُهُمْ- وَهُوَ فَيْرُوزُ- إِلَيْهَا فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ الدَّارِ بَيْتٌ إِلَّا وَالْحَرَسُ مُحِيطُونَ بِهِ، غَيْرَ هَذَا الْبَيْتِ، فَإِنَّ ظَهْرَهُ إِلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الطَّرِيقِ، فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ فَانْقُبُوا عَلَيْهِ مِنْ دُونِ الْحَرَسِ، وَلَيْسَ مِنْ دُونِ قَتْلِهِ شَيْءٌ، وَإِنِّي سَأَضَعُ فِي الْبَيْتِ سِرَاجًا وَسِلَاحًا، فَلَمَّا خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا تَلَقَّاهُ الْأَسْوَدُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَدْخَلَكَ عَلَى أَهْلِي؟ وَوَجَأَ رَأْسَهُ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ شَدِيدًا، فَصَاحَتِ الْمَرْأَةُ فَأَدْهَشَتْهُ عَنْهُ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقَتَلَهُ، وَقَالَتِ: ابْنُ عَمِّي جَاءَنِي زَائِرًا، فَقَالَ: اسْكُتِي لَا أَبَا لَكِ، قَدْ وَهَبْتُهُ لَكِ، فَخَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: النِّجَاءَ النِّجَاءَ، وَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَحَارُوا مَاذَا يَصْنَعُونَ؟ فَبَعَثَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِمْ تَقُولُ لَهُمْ: لَا تَنْثَنُوا عَمَّا كُنْتُمْ عَازِمِينَ عَلَيْهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ فَاسْتَثْبَتَ مِنْهَا الْخَبَرَ، وَدَخَلُوا إِلَى ذَلِكَ الْبَيْتِ فَنَقَبُوا مِنْ دَاخِلِهِ بَطَائِنَ لِيَهُونَ عَلَيْهِمُ النَّقْبُ مِنْ خَارِجٍ، ثم جلس عندهما

<<  <  ج: ص:  >  >>