للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن قيس ويزيد بن محرم بن حصن الْحَارِثِيُّ، وَيَزِيدُ بْنُ الْأَفْكَلِ الْأَزْدِيُّ، وَاشْتَدَّ مُلْكُهُ، وَاسْتَغْلَظَ أَمْرُهُ، وَارْتَدَّ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَعَامَلَهُ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ هُنَاكَ بِالتَّقِيَّةِ، وَكَانَ خَلِيفَتُهُ على مذحج عمرو بن معديكرب وَأَسْنَدَ أَمْرَ الْجُنْدِ إِلَى قَيْسِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَأَسْنَدَ أَمْرَ الْأَبْنَاءِ إِلَى فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ وداذويه وتزوج بامرأة شَهْرِ بْنِ بَاذَامَ وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّ فَيْرُوزَ الديلميّ، واسمها زاذ، وَكَانَتِ امْرَأَةً حَسْنَاءَ جَمِيلَةً، وَهِيَ مَعَ ذَلِكَ مُؤْمِنَةٌ باللَّه وَرَسُولِهُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنَ الصَّالِحَاتِ، قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ التَّمِيمِيُّ: وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابَهُ، حِينَ بَلَغَهُ خَبَرُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ مَعَ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: وَبَرُ بْنُ يُحَنِّسَ الدَّيْلَمِيُّ: يَأْمُرُ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُنَاكَ بِمُقَاتَلَةِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ وَمُصَاوَلَتِهِ، وَقَامَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِهَذَا الْكِتَابِ أَتَمَّ الْقِيَامِ، وَكَانَ قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً من السكون يقال لها: رملة، فحزبت عليه السكون لصبره فِيهِمْ، وَقَامُوا مَعَهُ فِي ذَلِكَ، وَبَلَّغُوا هَذَا الْكِتَابَ إِلَى عُمَّالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَنْ قَدَرُوا عَلَيْهِ مِنَ النَّاسِ، وَاتَّفَقَ اجْتِمَاعُهُمْ بِقَيْسِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ أَمِيرِ الْجُنْدِ- وكان قد غضب على الْأَسْوَدُ، وَاسْتَخَفَّ بِهِ، وَهَمَّ بِقَتْلِهِ- وَكَذَلِكَ كَانَ أَمْرُ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ، قَدْ ضَعُفَ عِنْدَهُ أَيْضًا، وكذا داذويه، فلما أعلم وبر بن نحيس قَيْسَ بْنَ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُوَ قَيْسُ بْنُ مَكْشُوحٍ، كَانَ كَأَنَّمَا نَزَلُوا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ، وَوَافَقَهُمْ عَلَى الْفَتْكِ بِالْأَسْوَدِ وَتَوَافَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَتَعَاقَدُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَيْقَنَ ذَلِكَ فِي الْبَاطِنِ اطَّلَعَ شَيْطَانُ الْأَسْوَدِ لِلْأَسْوَدِ عَلَى شَيْءٍ من ذلك، فدعا قيس بن مكشوح، فَقَالَ لَهُ: يَا قَيْسُ مَا يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ: وَمَا يَقُولُ؟ قَالَ يَقُولُ: عَمَدْتَ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتَهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ مِنْكَ كُلَّ مَدْخَلٍ، وَصَارَ فِي الْعِزِّ مِثْلَكَ، مَالَ مَيْلَ عَدُوِّكَ، وَحَاوَلَ مَلْكَكَ، وَأَضْمَرَ عَلَى الْغَدْرِ، إِنَّهُ يَقُولُ يَا أَسْوَدُ يَا أَسْوَدُ يَا سَوْآهْ يا سوآه، فطف به وَخُذْ مِنْ قَيْسٍ أَعْلَاهُ وَإِلَّا سَلَبَكَ وَقَطَفَ ف ك؟؟ [١] فقال له قَيْسٌ وَحَلَفَ لَهُ فَكَذَبَ: وَذِي الْخِمَارِ لَأَنْتَ أَعْظَمُ فِي نَفْسِي وَأَجَلُّ عِنْدِي مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ بِكَ نَفْسِي، فَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ: مَا إِخَالُكَ تُكَذِّبُ الْمَلَكَ، فَقَدْ صَدَقَ الْمَلَكُ وَعَرَفَ الآن أنك تائب عما اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْكَ، ثُمَّ خَرَجَ قَيْسٌ مِنْ بين يديه فجاء إلى أصحابه فيروز وداذويه، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا قَالَ لَهُ وَرَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالُوا: إِنَّا كُلُّنَا عَلَى حَذَرٍ، فَمَا الرَّأْيُ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَشْتَوِرُونَ إِذْ جَاءَهُمْ رَسُولُهُ فَأَحْضَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُشَرِّفْكُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ؟ قَالُوا:

بَلَى، قَالَ: فَمَاذَا يَبْلُغُنِي عَنْكُمْ؟ فَقَالُوا: أَقِلْنَا مرتنا هذه، فقال: لا يبلغني عنكم فأقيلكم، قَالَ:

فَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ نَكَدْ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ مِنْ أَمْرِنَا، وَنَحْنُ عَلَى خَطَرٍ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ فِي ذَلِكَ إِذْ جَاءَتْنَا كُتُبٌ مِنْ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، أَمِيرِ هَمْدَانَ، وَذِي ظُلَيْمٍ، وَذِي كَلَاعٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أُمَرَاءِ الْيَمَنِ، يَبْذُلُونَ لَنَا الطَّاعَةَ وَالنَّصْرَ، عَلَى مُخَالَفَةِ الْأَسْوَدِ، وَذَلِكَ حِينَ جَاءَهُمْ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّهُمْ عَلَى مُصَاوَلَةِ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ، فَكَتَبْنَا إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نُبْرِمَ الْأَمْرَ، قَالَ قَيْسٌ: فَدَخَلْتُ عَلَى امرأته


[١] كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>