للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يفد من عند أبى عامر الراهب، ومجمع لمن هو على طريقتهم من المنافقين ولهذا قال تعالى ﴿وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ﴾. ثم قال ﴿وَلَيَحْلِفُنَّ﴾ أي الذين بنوه ﴿إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ الْحُسْنى﴾ أي إنما أردنا ببنائه الخير. قال الله تعالى ﴿وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ﴾ ثم قال الله تعالى الى رسوله ﴿لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً﴾ فنهاه عن القيام فيه لئلا يقرر أمره ثم أمره ثم أمره وحثه على القيام في المسجد الّذي أسس على التقوى من أول يوم وهو مسجد قباء لما دل عليه السياق والأحاديث الواردة في الثناء على تطهير أهله مشيرة اليه، وما ثبت في صحيح مسلم من أنه مسجد رسول الله لا ينافي ما تقدم لانه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى من أول يوم فمسجد الرسول أولى بذلك وأحرى، وأثبت في الفضل منه وأقوى، وقد أشبعنا القول في ذلك في التفسير ولله الحمد. والمقصود أن رسول الله لما نزل بذي أو ان دعا مالك بن الدخشم ومعن بن عدي - أو أخاه عاصم بن عدي فأمرهما أن يذهبا إلى هذا المسجد الظالم أهله فيحرقاه بالنار، فذهبا فحرقاه بالنار، وتفرق عنه أهله.

قال ابن إسحاق: وكان الذين بنوه اثنى عشر رجلا وهم، خذام بن خالد - وفي جنب داره كان بناء هذا المسجد - وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وأبو حبيبة بن الأزعر، وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف، وجارية بن عامر، وابناه مجمع وزيد، ونبتل بن الحارث، وبخرج وهو الى بنى ضبيعة، وبجاد بن عثمان وهو من بنى ضبيعة، ووديعة بن ثابت وهو الى بنى أمية.

قلت: وفي غزوة تبوك هذه صلى رسول الله خلف عبد الرحمن بن عوف صلاة الفجر أدرك معه الركعة الثانية منها، وذلك أن رسول الله ذهب يتوضأ ومعه المغيرة بن شعبة فأبطأ على الناس، فأقيمت الصلاة فتقدم عبد الرحمن بن عوف، فلما سلّم الناس أعظموا ما وقع فقال لهم رسول الله «أحسنتم وأصبتم» وذلك فيما رواه البخاري قائلا حدثنا.

وقال البخاري حدثنا أحمد بن محمد حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن رسول الله رجع من غزوة تبوك فدنا من المدينة فقال: «إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم» فقالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال «وهم بالمدينة حبسهم العذر» تفرد به من هذا الوجه.

قال البخاري حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان حدثني عمرو بن يحيي عن العباس بن سهل بن سعد عن أبى حميد قال: أقبلنا مع رسول الله من غزوة تبوك حتى إذا أشرفنا على المدينة قال «هذه طابة، وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه» ورواه مسلم من حديث سليمان بن بلال به نحوه. قال البخاري حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن يزيد قال:

اذكر أنى خرجت مع الصبيان نتلقى رسول الله الى ثنية الوداع مقدمه من غزوة تبوك. ورواه أبو داود والترمذي من حديث سفيان بن عيينة به، وقال الترمذي حسن صحيح. وقال البيهقي

<<  <  ج: ص:  >  >>