كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي حدثني عروة بن الزبير. سألت ابن العاص فقلت: أخبرنى باشد شيء صنعه المشركون برسول الله؟ قال: بينما النبي ﷺ يصلى في حجر الكعبة، إذ أقبل عليه عقبة ابن أبى معيط فوضع ثوبه على عنقه فخنقه خنقا شديدا، فاقبل أبو بكر ﵁ حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي ﷺ وقال: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ الآية. تابعه ابن إسحاق قال أخبرنى يحيى بن عروة عن أبيه قال قلت لعبد الله بن عمرو. وقال عبدة عن هشام عن أبيه قال قيل لعمرو بن العاص. وقال محمد بن عمرو عن أبى سلمة حدثني عمرو ابن العاص. قال البيهقي وكذلك رواه سليمان بن بلال عن هشام بن عروة كما رواه عبدة. انفرد به البخاري. وقد رواه في أماكن من صحيحه وصرح في بعضها بعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أشبه لرواية عروة عنه، وكونه عن عمرو أشبه لتقدم هذه القصة. وقد
روى البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن احمد بن عبد الجبار عن يونس عن محمد بن إسحاق. حدثني يحيى بن عروة عن أبيه عروة. قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله ﷺ فيما كانت تظهره من عداوته؟ فقال: لقد رأيتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما في الحجر، فذكروا رسول الله ﷺ فقالوا: ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفه أحلامنا وشتم آباءنا، وعاب ديننا، وفرق جماعاتنا، وسب آلهتنا، وصرنا منه على أمر عظيم - أو كما قال - قال فبينما هم في ذلك طلع رسول الله ﷺ فاقبل يمشى حتى أستلم الركن، ثم مر بهم طائفا بالبيت فغمزوه ببعض القول، فعرفت ذلك في وجه رسول الله ﷺ فمضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفتها في وجهه فمضى فمر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها. فقال:«أتسمعون يا معشر قريش؟ أما والّذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح»(١). فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع حتى أن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه حتى إنه ليقول انصرف أبا القاسم راشدا فما كنت بجهول. فانصرف رسول الله ﷺ حتى إذا كان الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم، فقال بعضهم لبعض: ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه. حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه. فبينما هم على ذلك طلع رسول الله ﷺ فوثبوا اليه وثبة رجل واحد فأحاطوا به يقولون: أنت الّذي تقول كذا وكذا؟ لما كان يبلغهم من عيب آلهتهم ودينهم، فيقول رسول الله ﷺ:«نعم أنا الّذي أقول ذلك» ولقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجامع ردائه، وقام أبو بكر ينكى دونه ويقول: ويلكم ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ﴾ ثم انصرفوا عنه. فان ذلك لأكبر ما رأيت قريشا بلغت منه قط.
(١) في الحلبية: بالدبح مهملة وفي ابن هشام: بالذبيح.