للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصبح الملك بعد آل على … مشرقا بالملوك من آل شادى

وغدا الشرق يحسد الغرب … للقوم فمصر تزهو على بغداد

ما حووها إلا بعزم وحزم … وصليل الفولاذ في الأكباد

لا كفرعون والعزيز ومن … كان بها كالخطيب والأستاد

قال أبو شامة: يعنى بالأستاد كأنه نور الإخشيدي، وقوله آل على يعنى الفاطميين على زعمهم ولم يكونوا فاطميين، وإنما كانوا ينسبون إلى عبيد، وكان اسمه سعيدا، وكان يهوديا حدادا بسلمية، ثم ذكر ما ذكرناه من كلام الأئمة فيهم وطعنهم في نسبهم. قال وقد استقصيت الكلام في مختصر تاريخ دمشق في ترجمة عبد الرحمن بن إلياس، ثم ذكر في الروضتين في هذا الموضع أشياء كثيرة في غضون ما سقته من قبائحهم، وما كانوا يجهرون به في بعض الأحيان من الكفريات، وقد تقدم من ذلك شيء كثير في تراجمهم، قال أبو شامة: وقد أفردت كتابا سميته «كشف ما كان عليه بنو عبيد من الكفر والكذب والمكر والكيد» وكذا صنف العلماء في الرد عليهم كتبا كثيرة، من أجل ما وضع في ذلك كتاب القاضي أبو بكر الباقلاني، الّذي سماه «كشف الأسرار وهتك الأستار» وما أحسن ما قاله بعض الشعراء في بنى أيوب يمدحهم على ما فعلوه بديار مصر:

أبدتم من بلى دولة الكفر من … بنى عبيد بمصر إن هذا هو الفضل

زنادقة شيعية باطنية … مجوس وما في الصالحين لهم أصل

يسرون كفرا يظهرون تشيعا … ليستروا سابور عمهم الجهل

وفيها أسقط الملك صلاح الدين عن أهل مصر المكوس والضرائب، وقرئ المنشور بذلك على رءوس الأشهاد يوم الجمعة بعد الصلاة ثالث صفر. وفيها حصلت نفرة بين نور الدين وصلاح الدين، وذلك أن نور الدين غزا في هذه السنة بلاد الفرنج في السواحل فأحل بهم بأسا شديدا، وقرر في أنفسهم منه نقمة ووعيدا، ثم عزم على محاصرة الكرك وكتب إلى صلاح الدين يلتقيه بالعساكر المصرية إلى بلاد الكرك، ليجتمعا هنالك ويتفقا على المصالح التي يعود نفعها على المسلمين، فتوهم من ذلك صلاح الدين وخاف أن يكون لهذا الأمر غائلة يزول بها ما حصل له من التمكن من بلاد مصر، ولكنه مع ذلك ركب في جيشه من مصر لأجل امتثال المرسوم، فسار أياما، ثم كرّ راجعا معتلا بقلة الظهر، والخوف على اختلال الأمور إذا بعد عن مصر واشتغل عنها، وأرسل يعتذر إلى نور الدين. فوقع في نفسه منه، واشتد غضبه عليه، وعزم على الدخول إلى مصر وانتزاعها من صلاح الدين وتوليتها غيره، ولما بلغ هذا الخبر صلاح الدين ضاق بذلك ذرعه، وذكر ذلك بحضرة الأمراء والكبراء، فبادر ابن أخيه تقى الدين عمر وقال: والله لو قصدنا نور الدين لنقاتلنه، فشتمه الأمير

<<  <  ج: ص:  >  >>